منذ انتهاء الحرب الاهلية ال​لبنان​ية ، لم يشهد لبنان ازمة كالتي نعيشها اليوم.. كل شيء بات بحكم المتوقف: علاقات لبنان السياسية مع الخارج لا سيما مع ​الدول العربية​، توقف الحركة الاقتصادية في الداخل بعد الاقفال شبه التام لكل المؤسسات العامة والخاصة، ازمة المصارف والسيولة و​الدولار​، ازمة كورونا.. باختصار يمكن تشبيه الوضع اللبناني بالمريض الذي يقبع في المستشفى بين ​الحياة​ والموت على اجهزة ​التنفس​ الاصطناعي من دون وجود فريق طبي قادر على اتخاذ القرار الصحيح.

عليه، فان المصيبة التي يعانيها لبنان اليوم هي في طريقة التعاطي الرسمي مع الازمة والتي لم ترق بعد الى مستوى المسؤولية حسب توصيف اهل الحكم ذاتهم .. ولكن لتخفيف وقع ما يحدث، يقول هؤلاء ان الحكومة بشهادة ​المجتمع الدولي​ تقوم باقصى ما تستطيع و​الدولة​ كلها مستنفرة لايجاد الحلول.

ولكن السؤال الاهم الذي يتهربون من الاجابة عليه: كيف يستطيع لبنان الصمود اذا طال امد الازمات وانتشر ​فيروس كورونا​ في ظل غياب اية تجهيزات حقيقية للمستشفيات الحكومية، وزاد عليها التصعيد القضائي ضد لبنان لاصحاب سندات اليوروبوندز، وكيف ستعالج الحكومة ازمة هبوط سعر صرف ​الليرة​ وارتفاع الدولار الى ما فوق ٣٠٠٠؟

المعنيون في حكومة دياب يضعون ما تقدم في خانة التهويل. الوزراء السياديون يرفضون الاشارة حتى الى اننا معرضون لازمة اكبر من التي نعيشها، وينقل هؤلاء عن دياب تأكيده ان «الخطة الاصلاحية الانقاذية المنتظرة سوف تساهم في تخفيف الازمة الاقتصادية وتثبيت سعر الصرف في السوق السوداء، دون تجاهل التغني بالاحاطة اللبنانية الصحية لفيروس كورونا وباننا كنا السباقين في طرح المعالجات الكفيلة باحتوائه».

ويذهب هؤلاء ابعد من ذلك للتأكيد بان جولة دياب العربية سوف تفتح خزائن العرب لضخ السيولة اللازمة في ​الاقتصاد اللبناني​، نافين كليا اعلان العرب بشكل رسمي عدم استعدادهم لمساعدة لبنان حاليا.

ليس جديدا محاولة حكومة دياب على غرار سابقاتها تقديم مجرد وعود انشائية لا محل لها من الاعراب في التركيبة السياسية اللبنانية، ولكن الغريب ذهاب هذه الحكومة ودوما نقلا عن مصادرها الى القول بأن هناك توجها حقيقيا ورسميا لاعادة هيكلة المصارف بشكل جذري ومؤلم، فيما تشير معلومات مؤكدة الى ان بعض ​المصارف اللبنانية​ هددت بمقاضاة الدولة اذا حاولت تطبيق هذا القرار.

الغريب ايضا ان حكومة دياب تواجه بالعرقلة من داخلها وفقا لاقرب المقربين من رئيسها، ​التيار الوطني الحر​ ما زال يرفض ​خطة الكهرباء​ المفترضة في الخطة الاصلاحية، والتيار ذاته يريد استمرار اعتماد تشكيلات قضائية وادارية على قياسه دون مراعاة الشفافية المطلوبة من ​المجتمع اللبناني​ والدولي.

معلومات مؤكدة تشير الى ان علاقة دياب بالوطني الحر ليست على ما يرام كما علاقة الاخير مع حليفه ​حزب الله​... الجميع يعترض على ​سياسة​ التيار التي ما زالت تعتمد المعايير ذاتها لما قبل ازمة ١٧ تشرين الاول.

وعلى هذا الترتيب، فان ​الحكومة اللبنانية​ قد تكون ذاهبة بموافقة كل اطرافها على القبول بالاستعانة بالوصفة الدولية المسماة ​صندوق النقد الدولي​ باستثناء حزب الله الذي اصبح مؤخرا يبدي ممانعة خجولة لهذا الخيار ويرسل اشارات اكثر ايجابية بخصوصه، على اعتبار ان اللجوء للصندوق الدولي قد يكون اهون الشرور اذا استمر تفاقم الازمة اللبنانية وانسداد الافق العربي والدولي امام تقديم المساعدات المجانية للبنان.