لم يقتصر تأثير فايروس "كورونا" ​العالم​ي على الصحة، بل وصل الى الاقتصاد، وعلى رأسه قطاع ​النفط​ العالمي، حيث انخفضت الأسعار في الايام العشر الأولى من شهر آذار لتصل الى أدنى حدود لها خلال 19 عاما، ومن المتوقّع أن يستمر السعر المنخفض بظل عدم وجود أي اتفاق سعودي-روسي حول كميّات النفط المنتجة، خصوصا بعد أن أعلنت القيادة االروسيّة أنه بداية من شهر نيسان على الدول أن تُنتج الكميات التي تراها مناسبة.

بعد أن ارتفعت أسهم قطاع النفط الصخري الاميركي عالميا، ارتأت ​روسيا​ أن الاستمرار في سياسة ضبط أسعار النفط سيؤثر سلبا عليها وإيجابا على الشركات الأميركيّة، لذلك حصل الخلاف بين السعوديين والروس في اجتماعهم الأخير بداية الشهر الجاري، وعليه تفلّتت الأسعار حيث بقي العرض مرتفعا، والطلب انخفض كثيرا بسبب "​الكورونا​"، فانخفضت الاسعار عالميا.

لا يمكن للإقتصاد العالمي أن يبقى على مساره بظل هجوم فايروس "كورونا" على العالم، خصوصا وأن انطلاقته كانت من ​الصين​، حيثتراجعتحجمصادراتها بشكل ملحوظ بعد توقف نشاطها الاقتصادي، الأمر الذي انتقل الى النشاط الاقتصادي العالمي الذي شهد تراجعا أيضا بسبب الفايروس الذي أوقف المصانع والشركات عن العمل، كذلك تحركات الاشخاص، حركة السفر، وهذا الأمر سيزداد بعد مرور الاسابيع المقبلة لأنّ الحرب على "الكورونا" لا تزال في بدايتها.

اذا، بظل ما يجري من أحداث على الصعيد العالمي، وفضّ الشراكة الروسية-السعودية، ستبقى أسعار النفط بوضع متذبذب، الا اذا طرأ تغيير على سياسات الدول المنتجة، لأن هذا الانخفاض يعني الخسارة للجميع، الروسي، الاميركي، والسعودي، وكل الدول التي تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على النفط، فماذا عن ​أسعار المحروقات​ في ​لبنان​؟.

ظنّ لبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي أن انخفاض أسعار النفط العالمي خلال الأسبوعين الماضيين سيعني حتما انخفاض أسعار المحروقات في لبنان، ولكن مع صدور جدول الأسعار أمس عبر ​وزارة الطاقة والمياه​، تبيّن أن سعر البنزين 95 اوكتان ارتفع مئة ليرة، وأصبح 23400، بينما استقر سعر البنزين 98 أوكتان على 2400، وانخفض سعر المازوت 500 ليرة وأصبح 15400، ما يعني أن السعر في لبنان لم يأتِ متأقلمًا مع الانخفاض العالمي الكبير بسعر برميل النفط.

بحسب المصادر المطّلعة فإن الجدول الذي تصدره وزارة الطاقة والمياه يستندإلىفواتيرالمنشأ،التيتقدّمهاالشركاتالمستوردةللنفط،حيثتقومبتحديدالأسعارعبرمناقصاتأسبوعيّةتجريهاالوزارةعلىأساسالمعدّلالوسطيلسعرالطنّعالميافيأسابيعثلاثةسابقة،الامرالذييعنيبحسبالمصادرأنّالسعرفيلبنانلايتغيّربنفسطريقةتقلّبالسعرالعالمي،لانّالمعادلةالحسابيّةتجريعلىاحتسابمعدّلالسعربثلاثةأسابيعوليسعلىاساساسبوعواحد.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "إن الاعتماد على هذه المعادلة يعني أن السعر في لبنان سينخفض خلال الأسبوع المقبل، نسبة لسعر النفط العالمي في الأسبوع الأول من شهر آذار، وسيستمر تدحرج السعر في لبنان بحال استمر الانخفاض العالمي في الأسابيع المقبلة، الا اذا اتخذت ​الحكومة اللبنانية​ قرارا بتثبيت سعر 20 ليتر البنزين.

لم يعد خافيا على أحد أن ​صندوق النقد الدولي​ طالب الحكومة اللبنانية بزيادة 5 آلاف ليرة على سعر صفيحة البنزين، ولكن هذا الإجراء لا يمكن أن يتقبله اللبنانيون في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانون منها، لذلك درست حكومة سعد الحريري السابقة فكرة تثبيت سعر صفيحة البنزين على سعر 25 الف ليرة وبالتالي لا ينخفض السعر عن هذا الحد ولو انخفض عالميا، الأمر الذي لا يخسّر الخزينة اموالا طائلة، علما أنها تحصل على مبلغ 5 الاف ليرة عن كل صفيحة، ويضاف اليها أيضا الضريبة على القيمة المضافة.

إن هذا الخيار لم يكن وحيدا، بل أيضا طُرح فكرة تحديد سعر أعلى 35 الف ليرة، وسعر ادنى 25 الف ليرة للصفيحة، فتتحمل الدولة الخسارة بحال ارتفعت الاسعار ويتحمل المواطن الفرق بحال انخفضت، وتشير المصادر الى أنّ فكرة تثبيت سعر الصفيحة لا يزال مطروحا من ضمن سلّة الإجراءات غير الشعبويّة التي انخفض منسوب الحديث عنها بظل أزمة كورونا المستجدة.