قيل الكثير عن "جرائم" السمسار القضائي، رغم أنّ الصفة التي أطلقت عليه تجعله متورطا في ملف قضاة، ولكن بعد توقيفه في أيار 2019، إنهالت عليه التُهم. في المقال السابق بعنوان "قراراتقضائيةتبرّئ "السمسارالقضائي": إتهامات بالجملة وبراءة بالمفرّق"، تطرّقنا الى تهمتين وحكمي براءة، تهمة تزوير ​لوحات السيارات​، والتي حكمت فيها قاضي التحقيق في ​​جبل لبنان​ ​رانيا يحفوف، وتهمة تبييض الاموال التي حكمت فيها القاضية نفسها، ومن ثم أُعيد اتهامه بها مجددا.

في هذا المقال سنستكمل الحديث عن التهم التي وُجهت لسالم عكّاري، والاحكام التي صدرت، او تلك التي ستصدر قريبا، بحيث لا نتعرّض لأي شخص، إنما نتحدث عن وقائع قضائية، وردت بالتحقيقات.

اتُهم عكّاري بممارسة فعل النصب والإحتيال على المدعو أ.ب.ن، المدّعى عليه أيضا في هذه الدعوى، وقبض شيكات منه مقابل أن يساعده في استرداد عقارات حجز عليها أحد المصارف عام 2014، واستمرت العملية حتى عام 2017، بحيث تشير اوراق الدعوى بأن عكاري طلب مبلغ 800 ألف دولار من الرجل بحال صدرت الاحكام القضائية لصالحه، ووقع تعهّدًا بهذا الأمر في العام 2014.

في التحقيقات التي أقيمت في صيف العام الماضي أمام قاضي التحقيق في جبل لبنان رانيا يحفوف، أنكر عكّاري ما نُسب إليه، وأشار الى أن الرجل المذكور طلب مساعدته في استرداد عقارات والده المحجوز عليها، وأنه (اي أ.ب.ن.) طلب منه تأمين ثمن استرداد العقارات البالغة قيمتها حوالي 2.500.000 دولار أميركي، وأنه كان يقترض منه الأموال بشكل دائم، ويوقّع الشيكات مقابل ذلك، مشيرا الى أن مبلغ الـ800 ألف دولار هو قيمة أرباحه، خصوصا أنه يُقرض الاموال لأشخاص او شركات متعثرين وينال حصة من الأرباح بعد استعادة الشركات او الأشخاص عافيتهم مجددا.

صدر القرار الظنّي، الذي دان عكاري بتهمة الاحتيال، ولكن القرار استؤنف، علمًا أنه لا يوجد مُدّع في هذه القضية، ونحن بصدد دعوى "حقّ عام" في جرم احتيال،ومن يعمل بالقانون يعلم صعوبة حصول هذا الأمر.رغم ذلك سنكتفي بعرض ما تمكّنا من الحصول عليه.

تقول الدعوى بأن عكّاري احتال على أ.ب.ن. في العام 2014، وانه سرق منه اموالا، ويقول عكاري أنه أقرض الرجل المال مقابل شيكات، ولكن السؤال الذي نطرحه هنا: "هل يمكن لرجل سُرق حقّه، وتعرّض للنصب في العام 2014، أن يوقّع تعهّدا في العام 2015، وتحديدا بتاريخ 24 تشرين الثاني 2015، امام كاتبة عدل في منطقة الزلقا، يتعهّد فيه، بصفته مفوضا بالتوقيع عن إحدى الشركات، بتسديد كامل الديون المترتّبة عليه لسالم عكاري خلال فترة 4 أشهر من تاريخ التوقيع؟، وفي حال لم يسدّد كامل الدين، يتعهّد بتسليم السيد عكاري كامل المعدات المبينة اوصافها وبياناتها في جدول مُرفق. وقد أرفق التعهد بجدول لمعدات الشركة، مع تحديد سعر كلّ منها، بحيث يتبين منه أن المبلغ يصل الى حدود الـ420 ألف دولار أميركي.

كذلك هناك أوراق موقعة من أ.ب.ن، تشير الى تسمله مبالغ نقديّة من احد الموظفين لدى عكاري، وكل هذه المعطيات ستُقدّم بحسب ما علمت "النشرة" الى ​القضاء​. إنّه سؤال يُطرح، والجواب متروك للقضاء، الذي ينظر بالقضيّة، والذي يملك وحده مفتاح الحقيقة.

ليست هذه الدعوى الوحيدة، ففيها أيضًا، اتُهم عكاري بجرم صرف النفوذ، الامر الذي يقودنا لاحقا للحديث عن ملف ​القضاة​، ولكن بحسب القاضية يحفوف، فإن هذه التهمة لم تتوافر عناصرها، فمُنعت المحاكمة فيها.

كما سبق وقلنا تعدّدت التهم والمتهم واحد، وفي الأيام المقبلة، سنطرق باب الملف القضائي، وكيف أراد البعض الانتقام من قضاة، وكيف استغلّت علاقة عكاري الشخصية بالقضاة لتشويه صورتهم.