فيما يحبس لبنان الرسمي والشعبي أنفاسه بقلق بالغ لتجاوز المرحلة الرابعة من خطر فيروس "​الكورونا​" بالانتشار او الانحسار، بدأت الضائقة المعيشيّة والاقتصاديّة، تؤرق أبناء مدينة صيدا وتشكل عبئا كبيرا واضافيا على حياتهم اليومية كما في باقي المناطق البنانية، بين الالتزام بالحجر المنزلي الطوعي، والسعي لتأمين لقمة العيش، فيما تسابق الجهود السياسية والبلدية والمدنية والاغاثية، الوقت لتقديم المساعدات لتحصين بقاء الناس في منازلها منع الوقوع "كارثة مزدوجة" صحية: بالخروج والاختلاط وكسر قرار تلافي التجمعات، واجتماعية بالجوع في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة.

وتحولت بلدية صيدا الى "خلية نحل" وعمل لا تهدأ بعدما تصدرت مشهد مواجهة فيروس "الكورونا" وتداعياته السلبية، وقال رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي لـ"​النشرة​"، ان البلدية تعمل على عدة جبهات متوازية، في حملات التوعية والارشاد لان المواطن مسؤول وهو الخط الاول في منع تفشي الفيروس وندعوه للالتزام بالبيت، في مواصلة عمليات التعقيم بشكل يومي لمختلف الاحياء والشوارع، وصولا الى تجمعات النازحين السوريين، وفي اطلاق حملة الاغاثة الانسانية البالغة مليار ليرة لبنانية لتقديم المعونة للعائلات الفقيرة والمحتاجة والمتعفّفة، وتلك التي إضطر معيلها للتوقف عن العمل قسريا"، معتبرا ان "هذه المساعدات التي أقرها المجلس البلدي هي أقل الواجب لنقف مع أهلنا في صيدا".

تجهيز الحكومي

ولا يقلّ الاهتمام بإجراءات التوعية والوقاية والاغاثة، شأنا عن تجهيز "مستشفى صيدا الحكومي" ليكون مركزا لحالات "الكورونا" في اطار خطّة وزارة الصحة لتجهيز المستشفيات الحكومية في لبنان، على اعتباره الهدف الاساس لطمأنة الناس، وقد أفضت الاتصالات واللقاءات والجولات الميدانية على توافق تجهيز طابق منه سريعا، وتخصيص مدخل منفصل له، بعد تزويد الطاقم الطبي والتمريضي بكل المعدات والالات ووسائل الوقائية اللازمة.

وشدد عضو "اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية والاختصاصي في الأمراض الجرثومية"، الدكتور عبد الرحمن البزري عبر "النشرة"، على ضرورة "الاسراع بتجهيز المستشفى لانه "حاجة ملحة"، آملا "ان يكون ذلك خلال الاسبوع الجاري بالتعاون مع وزارة الصحة"، مشددا على "أهميّة العمل على خطّين متوازيين الاجراءت الوقائية الصحية وتقديم المساعدات الاجتماعية"، قائلا "المواطن هو الحل"، ويجب الالتزام الجدي والمسؤول بالتعبئة العامة وملازمة المنازل، ريثما تسير الامور اجتماعيا، هي فترة صعبة ويجب ان نتوحد ونتساعد لتجاوزها".

المستشفيات الخاصة

وفي خطوة دعم ومساندة، قررت "المستشفيات الخاصة" في المدينة، الانضمام الى معركة مواجهة الفيروس، وبدأت تجهيز نفسها احتياطيا، في اعقاب اجتماع طارىء خلص الى إنشاء لجنة من المستشفيات بهدف التنسيق المباشر فيما بينها والمستشفى الحكومي والبلدية، وقف علاج الحالات "الباردة" صحيا (غير الطارئة) في كل المستشفيات، بإستثناء مرضى غسيل الكلى والذين هم بحاجة ماسة للإستشفاء استعدادا لحالات كورونا محتملة، قيام البلدية بتفقد وضع المستشفيات القديمة في المدينة والتي هي خارج العمل حاليا، والإطلاع على مدى جهوزيتها كمكان صالح في حال كانت هناك حاجة لإستعمالها لإستقبال مرضى الحجر الصحي، الاتفاق على التنسيق المشترك صحيا ما بين المستشفيات الخاصة لتكون يدا واحدة بتصرف كل الحالات الطارئة المتعلقة بـالكورونا.

وأكد رئيس لجنة الصحة والبيئة في بلدية صيدا الدكتور حازم بديع أنه "لم تسجل أية إصابة بـالكورونا في المدينة، وأن كافة الحالات المشتبه بها والمحوّلة إلى بيروت هي من مناطق مختلفة خارج صيدا، وقد أظهرت الفحوصات عدم إصابة أصحابها بـ"الكورونا" بإستثناء حالة واحدة فقط، وهي ايضا من خارج المدينة".

تغيير موقّت

وبعيدا عن حملات التوعية والوقاية والاغاثة والتجهيز الصحي، فقد فرضفيروس "الكورونا"، تغييراجوهريا في النمط التقليدي الذي طبع حياة الصيداويين عقودا طويلة من الزمن، لم يألفوه من قبل، لم يتوقف على إلزامهم بـ"الحجر المنزلي الطوعي" والحد من التنقلات، ولا باتخاذ "الاجراءات الوقائية بالمزيد من النظافة الشخصية والمنزلية والتعقيم وارتداء "الكفوف" و"الكمامات"، بل وصل الى حد تعليق "العادات الاجتماعية" حتى إشعار آخر، بدءا من تبادل الزيارات، مرورا بتلافي التجمعات والاختلاط وصولا الى عدم تقبل التعازي والاكتفاء بإتّصال للمواساة بعد تعليق صلاتي "الجمعة" و"الجماعة" في المساجد وتوقّف الكنائس عن إقامة القداديس، لمنع تفشي فيروس "الكورونا"، وحرصا على السلامة العامة.

وبدا التغيير الاكثر تأثيرا فيما يتعلق بمراسم تقبل العزاء، اذ بدا لافتا في أوراق النعي تذييلها بعبارة "نظرا للوضع الصحي تُقبل التعازي عبر الهاتف"، بعدما كان الامر معتادا على تقبل التعازي في القاعات والمنازل على مدى ثلاث ايّام متتالية! كما قيام الكثير من العرسان بتأجيل حفلات "الخطوبة" او "الزواج".

في المقابل، ازداد الاقبال على شركات التعقيم في صيدا بشكل لافت، ترجمة لحالة الهلع من الاصابة به أو الخوف من تفشّيه، ما دفع بالكثير من أبناء المدينة الى اتّخاذ اجراءات وقائية اضافية، من خلال الاستعانة بشركات لتعقيم المنازل والحدائق الملحقة بها في ظاهرة جديدة.