يعتبر الاسبوع الذي صلب فيه ​المسيح​ وقام هو الاسبوع الذي يرتكز عليه الإيمان المسيحي. فعلى ضوء "قيامة المسيح" أصبحت المسيحية موجودة، كما جاء في قول بولس الرسول "لو أن المسيح لم يقم لكان إيماننا باطل".

ولهذا الاسبوع أهمية خاصة لدى المسيحيين الذين يتحضرّون له من عام الى آخر ليشهدوا على موت و​آلام المسيح​ وصولاً الى قيامته، فيأتي أربعاء أيوب و​خميس الغسل​ أو خميس الاسرار وتقليد زيارة سبعة كنائس وصولاً الى ​الجمعة العظيمة​ و​رتبة سجدة الصليب​ فالقيامة عندما فاض النور من القبر وتكون هذه علامة خلاص البشرية.

يحل "الآلام" هذا العام مختلفاً عن بقيّة السنوات فقد اعتاد ​المسيحيون​ على "العجقة" في الشوارع والكنائس. مثلاً خلال خميس الاسرار تتجمّع العائلة وتختار الكنائس التي تريد زيارتها، وفي الجمعة العظيمة اعتادت معظم الكنائس في البلدات ان تنظم مسيرة ​درب الصليب​ في الشوارع حيث يسير الكاهن وخلفه المؤمنون يرتلون "واحبيبي" ومراحل درب الالام، ويختمون هذه الرتبة بسجدة المصلوب وصولا الى القيامة وما تحمله من معانٍ حيث يهلل المسيحيون ويرددون "المسيح قام... حقا قام".

وباء "كورونا" ألغى هذه السنة كلّ الإحتفالات، فلن يكون هناك زيارة الى سبعة كنائس ولن يقوم الكهنة برتبة الغسل كما فعل المسيح بغسل أرجل تلاميذه الاثني عشر، ولا مؤمنون يجوبون الشوارع متأمّلين بمراحل الآلام، ولا حتى احتفالات بالقيامة، بل سيستعاض عنها بقداديس في الكنائس دون مؤمنين. وعلى هذا يعلّق الكاتب الأب بشارة ايليا قائلاً "لحظة قيامة المسيح من القبر لم يكن هناك أحد موجودا، وفي هذا الوقت لا نستطيع أن نكون حاضرين في الكنيسة ولكن نور الإيمان الذي سطع من ​قبر المسيح​ سيشعّ في قلوبنا".

يعود الأب بشارة ايليا الراهب الأنطوني الى بداية المسيحية، ليشير الى أنه "وقتذاك مرت علينا عدّة ظروف كنا نقوم بالإحتفالات في الملاجئ"، لافتا ايضا الى أن "كثراً في هذا الوقت وتحديدا في ​أسبوع الآلام​ يتساءلون أين يسوع وهو يجيب على "الصليب"، ويضيف: "آلام المؤمن حالياً تكمن في عدم إشراكه بآلام المسيح وتحديدا بالمراسم"، مؤكدا أن "يسوع يدعونا في هذا الظرف الى أن نكون متحدين مع بعضنا البعض بالصلاة".

الكنائس فارغة وليس فيها أحد من المؤمنين والعالم كلّه زاد ايمانه رغم "كورونا". وهنا يلفت الأب بشارة ايليا الى أنه "وفي هذا الظرف العصيب يظهر وجوه قديسين جدد أكان بروما أو بالعالم"، مؤكّداً أن "القداديس ستبقى على حالها وكذلك الرتب في هذا الأسبوع، والناس ستصلي من منازلها حتى نستطيع أن نجتاز هذه المحنة، وما يهمّ أن نعرفه أن يسوع لا يريد أن يغيّر ظروف حياتنا ولكن أن يستعملها من أجل خلاص البشرية".

صحيح أن أبواب الكنائس لن تفتح أمام المؤمنين إلا أنّ الرعايا في المناطق تقوم بمبادرات مختلفة كي لا ينسى المؤمنون أهمية هذا الأسبوع، وفي ​أحد الشعانين​ جاب بعض الكهنة في المناطق والشوارع حاملين أغصان الزيتون فيما الناس ترتل وتصلي من على شرفات منازلها. المهمّ في هذا الظرف أن ندرك أننا في محنة وأن التشبث بالإيمان سيكون المصدر الوحيد لخلاصنا.