في نهاية شهر شباط الماضي، وعلى وقع تهديدات اتحاد ​نقابات المخابز والأفران​ في ​لبنان​، أعلن وزير ​الاقتصاد​ والتجارة ​راوول نعمة​ أنه بصدد التحضير لإعداد دراسة حول سعر ​الخبز​، يدخل فيها كل ما يتعلق بهذه الصناعة ليتحدد عبرها بالنهاية السعر، الذي يتغير، ارتفاعا وانخفاضا بحسب سعر الكلفة.

بعد المؤتمر الصحافي للوزير انطلق العمل في وزارة الاقتصاد عبر لجنة شُكّلت خصيصا لهذه الغاية، وضمّت ممثلا عن ​جمعية حماية المستهلك​ أيضا، فدرست أسعار السلع التي تدخل في عملية صناعة الخبز، وانتهت الى نتيجة، تم عرضها في اللقاء بين الوزير ووفد الاتحاد.

خرج الوفد من الاجتماع ممتعضا، وأعلن عدم التوصل الى اتفاق على مطالب الإتحاد، معبراً عن "أسفه لأن يعلن للرأي العام ان المفاوضات مع الوزير لم تؤدّ الى اتفاق حول كلفة ربطة الخبز مما يؤثر سلبا على قدرة الأفران على توزيع الخبز خارج الفرن، وأنه قرر وقف توزيعه الى المناطق اللبنانية كافة، والإبقاء على بيعه في صالات الأفران دون سواها، اعتبارا من صباح يوم الاثنين 20 نيسان 2020 بالسعر والوزن الحالي"، مشيراً الى "عدم مسؤوليته عن الاكتظاظ الذي سيحصل أمام الأفران".

اذا، قرر الاتحاد ابتزاز اللبنانيين قبل المسؤولين، بلقمة خبزهم، فما الذي جرى داخل الاجتماع الصباحي؟.

يكشف وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة عبر "النشرة" تفاصيل الدراسة التي أجرتها الوزارة حول سعر ربطة الخبز، مشيرا الى أننا اتفقنا معهم على أن الأساس هو تغيير السعر كلما تغيرت الكلفة، وعلى هذا الأساس أعددنا الدراسة، معلنا أنها اعتمدت على سعر صرف للدولار مقابل الليرة هو 3100، وتم تثبيت السعر على 1500 ليرة للربطة الواحدة، بحيث تكون نسبة أرباح صاحب الفرن 22.5 بالمئة عندما يتم البيع في الفرن، و12 بالمئة لمبيع الجملة، ولكنهم رفضوا ذلك، وطلبوا أن يكون سعر المبيع 1500 داخل الفرن، و1750 خارجه، ما يعني أن أبناء الأرياف الذين يسكنون بعيدا عن الأفران سيدفعون 1750 ليرة ثمنا للربطة بينما 1500 لمن يسكن قرب الأفران.

ويضيف نعمة: "إن نسبة الربح التي نتحدث عنها نتجت عن دراستنا لكل الأرقام، التي تقدم بها الاتحاد، وغيرها، مع العلم أن بعض الأرقام التي قدّمها الاتحاد لم تكن دقيقة، ومع العلم أن ​الطحين​ المدعوم من ​مصرف لبنان​ يُستعمل لصناعة منتجات غير الخبز العربي، وأغلب الأفران تبيع منتجات غير الخبز العربي، ولكن رغم كل ذلك لم يوافقوا على نتائج الدراسة، وخرجوا ليعلنوا موقفهم التصعيدي".

"لن تقبل وزارة الاقتصاد زيادة أسعار الخبز على الفقراء، وعلى أبناء الأرياف، ونسبة الربح التي يحصل عليها أصحاب الأفران مقبولة للغاية، ومع الإشارة الى أنهم طالبوا عند بدء إعداد الدراسة الا يقل هامش الربح عن 20 بالمئة، وهذا ما حصل بالنسبة للبيع داخل الأفران، ومن الطبيعي أن يكون سعر الجملة أقل، ولكنهم لم يوافقوا على هامش ربح 12 بالمئة لمبيع الجملة"، ويشير نعمة الى أن الاتحاد لديه 3 أيام لإعادة النظر بقراره، تماما كما فعل عندما دعا ل​إضراب​ في شهر شباط الماضي.

وفي سياق منفصل، يشير نعمة الى أن وزارة الاقتصاد لا تتدخل بأسعار ​مزارع الدجاج​، وهي تقوم بعملها بمراقبة الأسعار داخل السوبرماركات، بحيث تقارن فواتير شراء المنتجات مع أسعار بيعها، وبحسب هوامش الربح تتحرك، كاشفا أن ​وزارة الزراعة​ بصدد التحرك واتخاذ اجراءات لضبط ارتفاع أسعار المنتوجات من مزارع الدجاج.

غريب بيان اتحاد نقابات المخابز والأفران، والغريب أكثر لعبه على وتر "أزمة الكورونا" عندما قال أنه لا يتحمّل مسؤولية الإكتظاظ أمام الافران التي ستنتج عن قراره، فهل تتدخل الحكومة، بحال طبّق الاتحاد قراره، وتضع يدها على قطاع الأفران، عملا بقرار التعبئة العامة؟.