لقد انسحبت مفاعيل تفشِّي "جائحة كورونا" على كُلِّ المجالات، وفي ​العالم​ بأَسره، وضمنًا على التَّربية والتَّعليم وما دار في فلكهما... غير أَنَّ الوباء عندنا، قد سبقه إِلينا "الحراك الشَّعبيُّ" منذ 17 تشرين الأَوَّل الفائت، ليُسهم مع "​الكورونا​ المُستجدَّة" في اختطاف العامِّ الدِّراسيِّ 2019 / 2020، وصولاً –كما في سائر دول العالم– إِلى التَّهديد الفعليِّ بالإِطاحة بالشَّهادات الرَّسميَّة!.

لقد بات السُّؤَال المطروح اليوم في إِلحاحٍ: هل يكون للشَّهادة الرَّسميَّة عندنا مخرجٌ آخر، أو خلاصٌ مُرتجى، كما كان للُبنان "إِبداع آخر" يُشهد له، في إِنقاذ آلاف الأَرواح من "براثن كورونا"؟... وبالتَّالي فهل في الإِمكان أَن نجعل الانجاز الصِّحيَّ – الوقائيَّ المواجَه به وباء "كورونا"، ينسحب على إِنجازٍ تربويٍّ هذه المرَّة، يحدُّ إِلى الدَّرجة القصوى، من مخاطر الإِطاحة بالسَّنة الدِّراسيَّة عندنا، وتاليًا بالشَّهادة الرَّسميَّة؟.

لقد لمسنا في "جائِزة الأَكاديميَّة العربيَّة"، ومن خلال تواصلنا الحثيث والدَّائم، مع ​وزارة​ التَّربية والتَّعليم العالي، إِصرار الوزير ​طارق المجذوب​، على تحضير أَفضل الأَجواء المُمكنة، وفي الظُّروف البالغة الخُطورة، لإِنقاذ ما أَمكن من العامِّ الدِّراسيّ، وإِقامة الامتحانات الرَّسميَّة، في أَفضل الشُّروط المُمكنة، لما لقرار عدم إِجرائها من مُضاعفاتٍ سلبيَّةٍ، وبخاصَّةٍ على المُتعلِّمين الَّذين ينوون إِكمال تعليمهم الجامعيّ خارج ​لبنان​.

ومن هُنا كان "التَّعلُّم التِّلفزيونيّ عن بُعد"، إِحدى الخُطوات الإِنقاذيَّة، ضمن سلسلةٍ طويلةٍ من الإِجراءات الَّتي اتَّخذتها وزارة التَّربية، وإِن كان لنا بعض المُلاحظات على إِعداد الحصص التَّعلُّميَّة المُتلفزة، لناحية عدم خلق التَّفاعُل العميق بين المُعلِّم والمُتعلِّمين، وكذلك عدم التَّنويع في وسائل عرض هذه الحصص، وعدم الأَخذ في الاعتبار أَنَّ من شروط هكذا نوع من البرامج، أَن يجمع معدُّها بين المهارات الشَّخصيَّة في مجالي التَّربية كما والإِعلام، إِيمانًا منَّا بأَنَّ سيبويه، إِذا ما تقمَّص، وطُلب منه أَن يُصوِّر حصصًا تعلُّميَّةً في اللُّغة العربيَّة عبر الشَّاشة الصَّغيرة... فإِنَّه سيُبلى بفشلٍ ذريعٍ!.

لذا فقد حاولنا ترجمة هذه المُلاحظات الَّتي كُنَّا قد رفعناها إِلى معاليه قبل البدء في تصوير الحصص التَّعلُّميَّة عبر "​تلفزيون لبنان​"، ولمَّا لم يُؤْخذ بها، إستلحقناها عبر برنامج "امتحانات 2020" الَّذي بدأْنا عرضه عبر (Mariam TV) الثُّلاثاء 21 نيسان الماضي.

وحاشا أَن يكون برنامجنا من باب التَّحدِّي، فالوقت ليس للمُزايدات، بل إِنّه من باب مُساهمة "جائِزة الأَكاديميَّة العربيَّة"، ومن خلال زملاء تربويِّين أَعزَّاء، سارعوا إِلى التَّطوُّع معنا، فأَغنونا بخبرتهم ومهنيَّتهم، خدمةً لأَبنائنا وتحسُّسًا بالمسؤوليَّة على عاتق الجميع في لبنان، وكلٌّ بحسب مجال اختصاصه!.

لقد سعينا إلى عدم التوقُّف عند الكلفة الاقتصاديَّة الباهظة الَّتي تسبَّب بها الوباء في كُلِّ دول العالم... بل التَّفكير بماذا بعد؟. ولا ننكُر أَنَّ التَّعليم عن بُعد في بلادنا، لا تتجاوز فعاليَّته الثَّلاثين إِلى خمس وثلاثين في المئة في أَكثر الإِحصاءات تفاؤُلاً... غير أَنَّ هذه النِّسبة المُنخفضة الَّتي هي نتيجة خللٍ ما، قد تُقدِّم في المُقابل، إِلى بعضٍ من مُتعلِّمينا خدمةً تربويَّةً هم في أَمسِّ الحاجة إِليها، وعنينا بهم المُتعلِّمين الَّذين "لا حول ولا قوَّة" خدماتيَّةً لهُم في مجال "الإِنترنت".

لن يكون من الصِّعب على وزارة التَّربية، إِيجاد أَفضل الحُلول لإِنقاذ العامِّ الدِّراسيِّ، كما والشَّهادة الرَّسميَّة... غير أَنَّ مواضيع "الكورونا المُستجدَّة" و"الحرب التِّجاريَّة بين الولايات المُتَّحدة والصِّين"، وحتَّى "الحراك الشَّعبيّ" وفي المُقابل التَّوقُّف وثيقة "بالمحبَّة نبنيه" الصَّادرة عن "جائِزة الأَكاديميَّة العربيَّة"، باتت كلُّها من اليوميَّات النِّقاشيَّة في لُبنان، بعيدًا من غوغائيَّة الخطاب المُستشري في صالوناتنا كما وفي الشَّارع وكذلك عبر "البلاتوهات" التِّلفزيونيَّة وفي وسائل التَّواصل الاجتماعيّ... فماذا لا تتسلَّل هذه المواضيع إِلى المقالة الوضوعيَّة في امتحانات الصُّفوف الثَّانويَّة العامَّة عندنا، لأَنَّ المُتعلِّمين سيثبتون إِذَّاك أَنَّهم تعلَّموا من ​الحياة​ أَكثر ممَّا يتوقَّع التَّربويُّون!.