لفتت صحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "أحد كبار الدبلوماسيّين الغربيّين طرح سؤالًا على مسؤول كبير: هل ستكونون جدّيين في المفاوضات مع "​صندوق النقد الدولي​"، وهل ستوفون بالتزاماتكم؟"، مشيرةً إلى أنّ "المسؤول الكبير استغرب السؤال، وقال للدبلوماسي: بالتأكيد نحن ذاهبون إلى هذه المفاوضات بكلّ جدّية، وملتزمون ضمن حدود المصلحة ال​لبنان​يّة بما ستنتهي إليه المفاوضات".

وأوضح الدبلوماسي، أنّ "التخلّف عن تطبيق الإلتزامات ساهم بتفاقم أزمة لبنان وبلوغها هذا المستوى الخطير، وما نخشاه حقيقة هو أن يتكرّر هذا الأمر مع "صندوق النقد الدولي"، سائلًا: "صندوق النقد الدولي" ومع بدء التفاوض معه، يحتاج إلى خطوات حقيقيّة للإصلاح، فهل ستستطيع الحكومة أن تقوم بمثل هذه الخطوات؟"، مبيّنًا أنّ "أحد المسؤولين قد عبّر أمامنا عن امتعاض شديد من أنّ الحكومة لم تتّخذ بعد أي قرار، كما لم تُقدم على أي عمل تثبت من خلاله أنّها مختلفة عمّا سبقها من حكومات. ونحن نلاحظ ذلك أيضًا".

وركّز على أنّ "صندوق النقد" هو فرصة مهمّة أمام لبنان، وعليه أن يستفيد منها إلى أقصى الحدود، ولكن ما يهمّ الصندوق هو أن يرى أفعالًا من ​الحكومة اللبنانية​، وليس الاكتفاء بتقديم ورقة وأقوال، ولذلك فإنّ "صندوق النقد" لن يفتح للبنان أبواب الحصول على أي أموال إلّا في حالة اليقين من الالتزام الجدّي والملموس". وذكر أنّ "ما يجب أن يؤخذ في حسبان الجانب اللبناني، أنّ شروط "صندوق النقد" لن تكون تحت سقف شروط "​مؤتمر سيدر​"، أو على مستوى واحد مع شروط "سيدر"، بل ستكون حتمًا فوق سقف "سيدر" وأعلى بكثير".

وشرح أنّ "بالتالي، لن يكون أمام "صندوق النقد" في فترة التفاوض معه إلّا أن يكون متشدّدًا، لأنّ التجربة مع لبنان غير مشجّعة، ما يعني أنّ لأموال "صندوق النقد" تجاه لبنان ممرًّا إلزاميًّا وحيدًا، وذلك عبر إجراءات وإصلاحات وحسن ادارة الدولة ومؤسّساتها". وأكّد أنّ "تشدّد الصندوق تجاه لبنان، هو لمصلحة لبنان وخدمة له"، مبيّنًا "أنّني لا أتّفق مع من يقول بأنّ "صندوق النقد الدولي" بصدد محاولة فرض شروط على لبنان تمسّ سيادته. فهل إذا طلب "صندوق النقد" أن يسارع لبنان إلى خطوات إصلاحيّة سريعة، وإجراء تعيينات ضمن آليّة شفّافة معيارها الوحيد الكفاءة لا ال​سياسة​، وهل إذا طلب المسارعة إلى ملء الفراغ المخيف في الإدارة اللبنانية، وإتمام ​التعيينات​ الماليّة والهيئات الناظمة الّتي سبق وطالب بها "سيدر" للكهرباء و​الاتصالات​ و​الطيران المدني​؛ يشكّل ذلك مسًّا بالسيادة اللبنانية؟".

كما جزم الدبلوماسي أنّ "لبنان وفي الاساس، ليس في الموقع المتقدّم في المفاوضات مع "صندوق النقد". ومثل تلك الأمور (فضيحة ​الفيول​)، تُضاف إليها المعارك المتتالية بين القوى السياسية، وبطء المعالجات الحكومية، وعدم اتخاذ قرارات بخطوات إصلاحيّة ملموسة، كلّ ذلك من شأنه أن يُضعف الموقف اللبناني أكثر، فضلًا عن أنّ الإدارة السياسيّة في لبنان هي أصلًا مربكة ومتباينة، وهذا وحده يشكّل عامل ضعف أساسيًّا للموقف اللبناني".

وأعطى مثالًا كتدليل على هذا الإرباك، قائلًا: "لبنان لجأ إلى "صندوق النقد" وكذلك فعلت مصر قبل فترة، وفي مقارنة بين البلدين، يتبيّن أنّ مصر نجحت مع الصندوق لأنّ فيها حكمًا واحدًا وقرارها واحد، فضلًا عن أنّها دولة صناعيّة وزراعيّة. أمّا في لبنان فإنّ القرار فيه مشرذم، وثمة صعوبة شديدة في اتخاذ القرار، نظرًا لتعدّد مصادره الّتي من الصعب أن تتقاطع حول رأي مشترك. يُضاف إلى ذلك، أنّ لبنان دولة لا زراعيّة ولا صناعيّة ولا تملك أي إمكانات".