أكثر من منزعج هو ​حزب الله​ من السجالات المتبادلة بين حليفيه، ​التيار الوطني الحر​ وتيار المرده على خلفية ملف ​الفيول​ المغشوش المفتوح أمام ​القضاء​. الحزب منزعج، وهذا ما تؤكده المعلومات من ​الضاحية الجنوبية​، لكنه حتى هذه اللحظة لم يتدخل ولم يبادر لإجراء وساطة بين ​بنشعي​ وميرنا الشالوحي، وقد يكون السبب علمه المسبق بأن الوساطة ستفشل بسبب وصول التوتر بين الحليفين الى ذروته، وهذا ما ظهر بشكل واضح في اللهجة التي تحدث فيها رئيس المرده ​سليمان فرنجية​ في مؤتمره الصحافي الذي عقده بالأمس وخصص الجزء الأكبر منه لمهاجمة التيار ورئيسه النائب ​جبران باسيل​. الحزب منزعج من خلاف الحليفين، لكن إنزعاجه مما يقوم به فرنجيه على صعيد حماية مدير عام المنشآت النفطية ​سركيس حليس​ المدّعى عليه بملف الفيول المغشوش، يفوق أضعاف أضعاف إنزعاجه من خلاف التيار والمرده. "ما يقوم به فرنجيه لناحية عدم تسليم حليس بحجة أن القاضية ​غادة عون​ منحازة غير مقبول" يقول زوار الضاحية الجنوبية ويضيفون "هل يريد فرنجية أن يعمم تجربة النائب ​هادي حبيش​؟ وهل يمكن لشخص مطروح إسمه ل​رئاسة الجمهورية​ أن يحمي مطلوباً؟، ألا يعرف أن تصرفاً كهذا يدين حليس حتى لو كان بريئاً من التهم الموجهة اليه"؟.

حزب الله لم يعلق بعد ويبدو أنه لن يفعل على ما قام به فرنجية، لكن المطلعين على موقفه يذكرون بجواب عضو كتلته النيابية النائب حسن فضل الله عندما سئل عن اتهام الحزب بتغطية ​الفساد​، من خلال عدم السماح بالمسّ بأيّ من حلفائه أو شركائه أو أصدقائه أو فتح ملفات تطاولهم لاعتبارات عديدة، حيث قال "هل استدعى القضاء أيّ وزير أو نائب أو مسؤول من أيّ جهة كانت محسوبٍ على حلفائنا أو غير حلفائنا ودافعنا عنه؟ خلي القضاء يستدعي أي فاسد من أي حزب كان حليفاً أو غير حليف وحاسبونا اذا منعناه".

وكيف يقبل الحزب بحماية فرنجية لحليس، وهو الذي لم يتردد وزيره السابق للطاقة ​محمد فنيش​ من قبل للمثول أمام قاضي التحقيق الأول في جبل ​لبنان​ ​نقولا منصور​ عندما طلب الإستماع لإفادته في ملف الفيول المغشوش. وهل نسي البعض أن حزب الله ضحى بنيابة أحد أبرز رموزه ​نواف الموسوي​ بمجرد أنه تعاطى مع مخفر لقوى الأمن بطريقة غير قانونية نصرةً لقضية شخصية تتعلق بإبنته وطليقها؟. وللتذكير أيضاً، وزير الزراعة السابق ​حسين الحاج حسن​ أدلى بإفادته أمام المدعي ​العام المالي​ القاضي ​علي ابراهيم​ يوم تقدم أحد المحامين بإخبار ضده.

"حتى في القضايا البسيطة التي تحصل أحياناً بين شبابه و​القوى الأمنية​ ويتم الإدعاء عليهم بسببها أمام القضاء، لا يغطي الحزب أحداً ويسلّم من هو مطلوب على الفور الى القضاء" يقول المطلعون على موقفه.

من الأمور التي تثير إستغراب الحزب هو التوقيت الذي إندلع فيه هذا السجال أي في أصعب أزمة إقتصاديّة وماليّة يمر يها لبنان ويحتاج فيها إلى تضامن وطني.

الحزب سيبقى في موقع المتفرج على خلاف فرنجية وباسيل خصوصاً أن بين سطور الخلاف كرسي الرئاسة الأولى وموعد الحديث عن هذا الإستحقاق لا يزال متأخراً.