على الرغم من أهمية الأسباب الموجبة التي تقدم بها أمين عام "​حزب الله​" ​السيد حسن نصر الله​، في دعوته ​الحكومة​ إلى التوجه نحو ​سوريا​ لمعالجة الأزمات العالقة بين البلدين، بالإضافة إلى فتح بوابة ​لبنان​ نحو ​العالم العربي​، لم تخرج الردود على هذه الدعوة عن المتوقع، حيث لا يزال الانقسام السياسي التقليدي، بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار، على حاله، بينما لدى بعض الأوساط الحكومية خشية من تداعيات سلبية قد تترتب على مثل هذا الخيار.

في هذا السياق، لا ترى مصادر نيابية في قوى الرابع عشر من آذار، عبر "​النشرة​"، أن هناك ما يستدعي عودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها، نظراً إلى التداعيات التي قد تترتب على ذلك بالنسبة إلى العلاقة مع العديد من الجهات الإقليمية والدولية، في حين أن لبنان بأمس الحاجة إلى الحصول على ​مساعدات​ ودعم من تلك الجهات، وتشير إلى أن ليس هناك ما يشجع على الدخول في مغامرة من هذا النوع، بل على العكس يجب البحث عن كيفية العودة إلى الحضنين العربي والدولي.

من وجهة نظر هذه المصادر، المعالجة الأساسية تكمن في ضبط الحدود والمعابر غير الشرعية بين البلدين، وتؤكد أن ​الأجهزة الأمنية​ المعنية قادرة على القيام بهذه المهمة من الجانب اللبناني، بدليل توقيف العديد من ​الشاحنات​ والصهاريج التي تنقل ​المازوت​ و​الطحين​ بعد ساعات من القرار الرسمي، وترى أنّ ما كان ينقص عملياً هو صدور هذا القرار، بعيداً عن استغلال أيّ حجة للعودة إلى نغمة التنسيق مع دمشق.

في الجانب المقابل، تستغرب مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، استمرار تعنّت البعض نتيجة الضغوط الخارجيّة، وتلفت إلى أن العلاقات مع سوريا تزداد أهميّتها يوماً بعد آخر، فبعد أن كان الطرح يتعلّق بالدرجة الأولى بمعالجة أزمة ​النازحين السوريين​، اليوم لدى لبنان الهمّ الاقتصادي الذي يفرض عليه البحث عن أيّ باب للمعالجة، وتضيف: "رغم ذلك هناك من لا يزال يصر على إغلاق هذا الباب، الذي يراد منه حصار سوريا لكنه بات يحاصر البلدين معاً".

وفي حين توافق هذه المصادر على طرح أن هذا الملف بيد الحكومة التي تدعمها وتشارك فيها، تشير إلى أن وزير ​السياحة​ والشؤون الاجتماعية رمزي مشرفيّة سبق له أن زار دمشق من دون أي ضجة، بهدف بحث ملف النازحين، وكان من المتوقع أن تحصل أكثر من زيارة وزارية على هذا الصعيد قبل انشغال الحكومة بأزمة ​فيروس كورونا​ المستجد، إلا أنها تشير إلى أن المسألة معقّدة اكثر من ذلك، حيث المطلوب تنسيقا أكبر، تشجع عليه مختلف القوى المشاركة في الحكومة، وترى أن هذا ما هو متوقع منها في المرحلة المقبلة.

في هذا الاطار، تشير مصادر وزارية، عبر "النشرة"، إلى أن هذا الخيار ليس مستبعداً لكنه في المقابل ليس من الأولويّات، حيث الانشغال في ملفات أخرى تبدو أكثر أهمية، أبرزها تلك المتعلقة في كيفية معالجة الأزمتين المالية والاقتصادية، وتلفت إلى وجود نقطة مفصلية ينبغي أخذها بعين الاعتبار، تكمن بأن الجولة الخارجيّة الأولى لرئيس الحكومة ​حسان دياب​ لا يمكن أن تكون إلى سوريا، في ظل التعقيدات المعروفة على الساحتين الدولية والإقليمية، وتلفت إلى أن الرجل لا يمانع القيام بأي خطوة تخدم المصلحة الوطنيّة، لكن الأمور مرهونة بالتوقيت المناسب لذلك.

في المحصّلة، يبدو أن موعد عودة العلاقات بين البلدين لم يحن، حيث لا تزال المحاذير والموانع السابقة قائمة، بانتظار ما قد تفرضه الظروف والمتغيرات في المرحلة المقبلة.