أكّد قريبون من رئيس الحكومة ​حسان دياب​، لصحيفة "الجمهورية"، أنّ "كلّ ما يُحكى عن فقدانه لزمام المبادرة وخضوعه لقواعد اللعبة السياسيّة التقليديّة ليس صحيحًا، ولا يعكس مجريات الاختبارات الّتي خاضها تباعًا"، لافتًا بموضوع معمل ​سلعاتا​ للكهرباء، إلى أن "لا المعمل طار أساسًا ولا هو عاد لاحقًا، وبالتالي لا دياب انتصر على رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​جبران باسيل​ في الجولة الأولى، ولا باسيل ثأر من رئيس الحكومة في الجولة الثانية، خلافًا للسيناريو المتداوَل".

وأوضحوا أنّ "​مجلس الوزراء​ في جلسته الشهيرة برئاسة دياب لم يشطب سلعاتا من خطة ​الكهرباء​، بل جرى التصويت بالأكثريّة على خيار أن يبدأ تنفيذ الخطّة انطلاقًا من معمل ​الزهراني​ أوّلًا، على أن يُستكمل التنفيذ بعد ذلك وفق الخطّة الّتي تلحظ استحداث معملَين إضافيَّين في ​دير عمار​ وسلعاتا"، مبيّنين أنّ "ما دفع إلى ترتيب الأولويّات على هذا النحو هو أنّ هناك حاجة إلى وقت طويل نسبيًّا قبل تأمين الأرضيّة المناسبة لإنشاء معمل سلعاتا، من استملاكات وغيرها. كذلك يواجه ​معمل دير عمار​ مشكلة بدوره ولو كانت أقلّ تعقيدًا، فيما كلّ الشروط تبدو متوافرة ومُختمرة للانطلاق من الزهراني".

ولاحظ المطّلعون على أجواء ​السراي الحكومي​، أنّ "هناك من أقنع رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ بأنّ سلعاتا أصبحت في مهبّ الريح، بخلاف المضمون الحقيقي للقرار، ما دفعه إلى استخدام المادّة 56 من ​الدستور​ الّتي تمنحه صلاحيّة أن يطلب من مجلس الوزراء إعادة النظر في القرار الّذي سبق أن اتّخذه"، وأشاروا إلى أنّ "سُعاة الخير تحرّكوا في اتجاه ​قصر بعبدا​ وشَرحوا للرئيس عون حيثيّات موقف مجلس الوزراء، وكيف أنّه لا يرمي أصلًا إلى تطيير سلعاتا وإنّما يكتفي بإعادة ترتيب الأولويّات بدءًا من الزهراني، فكان الإخراج الّذي أفضى إلى أن يطرح عون مقاربته، ويوضح دياب ملابسات القرار المُتّخذ استنادًا إلى ​البيان الوزاري​ الّذي اعتمد خطة الحكومة السابقة للكهرباء".

وركّزوا على أنّ "ما صدر عن جلسة مجلس الوزراء الأخيرة في قصر بعبدا لا ينطوي بتاتًا على أيّ تراجع أو خضوع من قِبل دياب أمام عون وباسيل كما رَوّج البعض، وإنّما يأتي بالدرجة الأولى في إطار تأكيد المؤكّد وتقديم الإيضاحات منعًا لأيّ تفسيرات أو تأويلات ليست في محلّها"، لافتين إلى أنّ "هناك من قرّر أن يفتعل معركة وهميّة، وربّما يكون "التيار الحر" قد انجرفَ إليها".

وذكرت المصادر القريبة من دياب، أنّ "علاقته جيّدة مع عون، على قاعدة التقيّد بالدستور، وكلاهما يحترم صلاحيّات الآخر"، منوّهةً إلى أنّ "المصطادين في الماء العكر لن ينجحوا في مهّمتهم". وأعربت عن استغرابها "الكلام على انصياع دياب لِما تريده الطبقة السياسيّة وخضوعه لسطوتها ونفوذها"، مؤكّدةً أنّه "لا يزال الأقوى في الحكومة، وإن يَكن لدى بعض أعضائها أي هوى سياسي يعكس جزءًا من التوازنات الّتي قامت عليها، من دون أن ينفي ذلك أنّها تبقى بالدرجة الأولى حكومة اختصاصيّين".

كما رأت أنّ "حكومة دياب هي ضرورة للجميع، بمَن فيهم خصومها، لأنّ ليس هناك من بديل عنها حتّى إشعار آخر، إذ من غير الممكن حاليًّا تشكيل حكومة وحدة وطنية سيرفضها الشارع فورًا، ولا فرصة حقيقيّة لتشكيل حكومة مستقلّين بالكامل، لأنّ هذا الطرح طوباوي في ظلّ الواقع اللبناني المعروف، وبالتالي ستتمّ العودة إلى قواعد التركيبة الحاليّة الّتي تجمع بين التكنوقراط غير الحزبيّين ونكهة التوازنات السياسيّة، فلماذا إضاعة الوقت الثمين ما دام لا مفرّ في نهاية المطاف من الرجوع إلى المربّع نفسه؟".

وأكّد أنّ "دياب هو الّذي سيبادر إلى الاستقالة من تلقاء نفسه، متى تبيّن له أنّ الحكومة أصبحت عاجزة، ولا تستطيع التغيير نحو الأفضل، في حين أنّ تجربة المئة يوم الأولى أظهرت أنّها حقّقت عددًا من الإنجازات وتمكّنت على الأقل من تنظيم الأزمة، في انتظار معالجتها وفق الخطط المعتمدة". وكشفت أنّ "هناك ارتياحًا لدى عواصم أوروبيّة عدّة إلى ما أنجزته الحكومة لغاية الآن، عَكسه سفراء تلك العواصم في ​بيروت​ خلال زياراتهم إلى السراي، في وقت يعطي الأميركيون إشارات متفرّقة إلى أنّهم ليسوا عدائيّين بالكامل حيالها، وإنّما ينتظرون كيف ستتصرّف إزاء بعض الملفات الحيويّة بالنسبة إليهم، ليحكموا عليها".