بعد مرحلة متذبذبة مرّ بها رئيس الحكومة ​حسان دياب​، سببها الحديث المتكرر عن تغيير الحكومة، ودخول "الفرنسي" على خط المبادرات الحكوميّة، وطروحات التعديل الحكومي الداخلي، وصلت الى دياب تطمينات حاسمة من قبل الفريق السياسي الداعم له، جعلته يبتعد عن القلق، ويتوجه نحو العمل، فكانت اللقاءات مع الوفد ​العراق​ي، ومثلها مع السفير الصيني في لبنان، وتعيين مجلس إدارة ​مؤسسة كهرباء لبنان​، وغيرها من الإجراءات التي يُفترض باللبنانيين أن يشهدوا نتائجها الإيجابية قريبا بحسب قول دياب. ولكن هذا كله لا يعني أن محاولات عرقلة الحكومة ستتوقف.

لم تعد فكرة تغيير الحكومة موجودة في المدى القريب المنظور، تقول مصادر سياسية مطّلعة، مشيرة الى أن خصومها يعلمون هذه الحقيقة بالدرجة الأولى، فالمبادرات التي حصلت في نهاية شهر حزيران الماضي فشلت، وبالتالي أصبحت حكومة دياب حلّا وحيدا، لا بديل عنه، ولكن ذلك لم يمنع خصومها من فعل المستحيل لإفشالها، ومنعها من تحقيق أي إنجاز يساعدها على ترك بصمتها في معالجة الأزمة اللبنانية.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "عندما تشكّلت الحكومة، لم يكن لخصومها أجندة واضحة تجاهها، فالمواقف الاقليمية والدولية منها كانت ضبابية وكانت تدعو بأغلبها لانتظار عملها قبل الحكم عليها، ولكن اليوم اختلف الحال، ففي الساعات الماضية برز موقفان لافتان من حكومة دياب، الأول عبر عنه وزير الخارجية الأميركية ​مايك بومبيو​، الذي أعلن عن رغبة بلاده في مساعدة لبنان لتشكيل حكومة ناجحة، في مؤشر إلى عدم الرضا الأميركي عن الحالية، وهو ما كانت السفيرة في بيروت دورثي شيا قد عبرت عنه في الفترة الماضية، أما الثاني فهو لوزير الخارجية الفرنسي ​جان إيف لودريان​ الذي حثّ السلطات اللبنانية على الشروع في إصلاحات للحصول على دعم مالي من ​المجتمع الدولي​ وإنقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار".

وترى المصادر أنه رغم أن كثيرين يفضلون الفصل بين الموقفين الأميركي والفرنسي من الساحة اللبنانية، لا سيما أن باريس سعت وتسعى إلى الحد من ضغوط واشنطن تجاه لبنان، خوفاً من التداعيات التي قد تترتب على ذلك، بالإضافة الى اهتمامها بتهدئة الاحوال لتمكين شركة توتال من استكمال استثمارها في البحر اللبناني، كان من اللافت عدم الرضا الفرنسي عن أداء حكومة دياب أيضاً، لكن ليس من الناحية السياسية، كما هو حال الموقف الأميركي، بل بسبب عدم إلتزامها بما تعهدت به، لناحية إجراء سلسلة إصلاحات في مهلة مئة يوم من نيلها الثقة، الأمر الذي يرتبط بالرسائل التي كانت باريس قد أرسلتها، طوال الفترة الماضية، لناحية أن المطلوب من اللبنانيين مساعدتها في هذا المجال، كي تكون قادرة على توفير الدعم الدولي لهم"، وتكشف المصادر أن الحكومة تعمل اليوم على إرضاء الفرنسيين بالخطوات الجديدة، دون قدرتها على ارضاء الأميركيين كون طلباتهم سياسية لا إصلاحية.

إن هذه المواقف الدولية، يُضاف إليها الموقف الخليجي المتشدد تجاه حكومة دياب، دفعت خصوم الحكومة بالداخل لإعلان الحرب عليها، ومحاولة إفشالها، وإطلاق مرحلة جديدة من العمل ضدها، محلّيا وخارجيا، رغم ما يترتب على ذلك من تداعيات سلبية على الداخل اللبناني، كون البديل، حتى بالنسبة الى هؤلاء، غير موجود، ما يجعلهم على يقين بأن انهيار الحكومة وفشلها هو فشل للبنان.

إن هذه الحرب جعلت رؤساء حكومات سابقين يتحركون خارج الحدود لافشال محاولة الحكومة عقد اتفاقات مع العراق، تماما كما فعلوا بالنسبة لعلاقة الحكومة مع ​الدول الخليجية​، وبالتالي ترى المصادر أن "الخلاف" الداخلي الذي كان سببا لأغلب أزمات البلد لم ينتهِ رغم أن لبنان يعاني من أصعب الازمات في تاريخه، وبالوقت الذي يحتاج فيه اللبنانيون الى جهود الجميع للخروج من الأزمة، نرى أن هناك من يعمل على إفشال الحلول المتاحة، وكأن فئة لبنانية واحدة ستتضرر من سقوط البلد ومعاناة اللبنانيين.