يُواصل وزير الخارجيّة الفرنسيّة ​جان إيف لودريان​ زياراته إلى المنطقة، حيث يُتوقّع أن يزور ​لبنان​ إعتبارًا من مساء الأربعاء، بعد أن كان زار العراق وأربيل نهاية الأسبوع الماضي. فما الذي يحمله معه، وهل من نتائج إيجابيّة مُرتقبة؟.

بحسب المَعلومات المُتوفّرة، إنّ وزير الخارجيّة الفرنسي سيجري في بيروت سلسلة من اللقاءات والإتصالات والإستقبالات(1)، وأبرز المواضيع والملفّات على جدول مُحادثاته هي:

أوّلاً: ملفّ ترسيم الحُدود البحريّة في الجنوب، حيث يُنتظر أن يحثّ لودريان الجانب اللبناني، على مُعاودة المُفاوضات غير المُباشرة مع الإسرائيليّين، للحفاظ على الإستقرار في المنطقة ولما فيه مصلحة الجميع، علمًا أنّ ل​فرنسا​ مصالح إقتصاديّة تتمثّل في مُشاركة شركة توتال في عمليّات إستخراج ​النفط والغاز​، في حال سارت الأمور بشكل إيجابي. ويُدرك الجانب الفرنسي أنّ من شأن إستمرار توقّف مُفاوضات ​ترسيم الحدود​ البحريّة والبريّة أن يُؤثّر سلبًا على أجواء الهدوء التي تحرص فرنسا على إستمرارها في المنطقة.

ثانيًا: ملفّ الإصلاحات الإقتصاديّة والماليّة والإداريّة، إلخ. لأنّ هذا الشرط بات مُشتركًا بين صُندوق النقد الدَولي ومُختلف ​الدول المانحة​، لمدّ يد المُساعدة للبنان، ما يَستوجب عدم التأخّر أكثر في البدء بهذه الإصلاحات، بالتزامن مع إظهار جدّية كبيرة من جانب السُلطات اللبنانيّة المَعنيّة في سدّ أبواب الهدر وفي مُكافحة ​الفساد​ ومُلاحقة الفاسدين. ويُتوقّع أن يطلب لودريان إظهار كل جدّية في إنجاح المُفاوضات القائمة مع مُمثّلي ​صندوق النقد​ الدَولي، منعًا لهدر المزيد من الوقت من دون تحقيق نتائج ملموسة، خاصة وأنّ 17 جلسة تفاوض عُقدت حتى تاريخه، وما زال الصُندوق ينتظر مُباشرة لبنان في إطلاق خُطّة الإصلاحات التي تُمثّل مفتاح الحُصول على أيّ مُساعدات أو قروض ماليّة خارجيّة. ويتردّد أنّ لودريان سيؤكّد أن لا تحريك للمُساعدات التي تقرّرت في "​مؤتمر سيدر​"، قبل تحريك الإصلاحات جديًا.

ثالثًا: ملفّ التجديد للقوّات الدَوليّة العاملة في الجنوب، وضرورة أن يُسهّل لبنان هذه المُهمّة وأن يقوم بما هو مَطلوب منه، تجنّبًا لأيّ توتّرات أمنيّة أو سياسيّة في غير أوانها، وحتى تجنّبًا لأي وقف جزئي لتمويل تكاليف إنتشار قوّات الأمم المُتحدة. ويُنتظر أن يُشدّد لودريان على ضرورة الحفاظ على الإستقرار القائم على الحدود الجنوبيّة للبنان، في سياق الحفاظ على الإستقرار العام في منطقة الشرق الأوسط ككلّ، مع التذكير أنّ لفرنسا قُوّات مُنتشرة في الجنوب إلى جانب قوّات أوروبيّة ودَوليّة أخرى ضُمن قُوّات الأمم المتحدة العاملة هناك، ما يُحتم حمايتها ودرء المخاطر الأمنيّة عنها. ومن المُرتقب أيضًا أن يدخل لودريان من باب الإستقرار الأمني في لبنان، إلى ملف الحياد الذي حرّكه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ليؤكّد دعم فرنسا لحياد لبنان مع المسؤولين الذين سيلتقيهم.

رابعًا: ملفّ المدارس الخاصة في لبنان، وتحديدًا الكاثوليكيّة منها، حيث قرّرت فرنسا مدّ يد المُساعدة في هذا الملفّ حفاظًا على العلاقات التربويّة والثقافيّة التاريخيّة بين لبنان وفرنسا، تحت مظلّة الفرانكوفونيّة. وسيكون للودريان بالتالي إتصالات مع مسؤولي المدارس اللبنانيّة التي ترتبط ثقافيًا بفرنسا، لتعزيز قُدرتها على الصُمود والإستمرار في أداء رسالتها، في ظلّ الظُروف الإقتصاديّة التي يُعاني منها لبنان حاليًا، خاصة وأنّ فرنسا لا تُخفي إهتمامها بالدور اللبناني كجسر عُبور بين العالمين الغربي والعربي، وكمُلتقى للحضارات والثقافات.

في الخُلاصة، الأكيد أن مُحادثات وزير الخارجيّة الفرنسي المُرتقبة في لبنان مُنتصف الأسبوع الجاري، هي إمتداد لإتصالات المُوفد الفرنسي المُكلّف مُتابعة مُقرّرات "مؤتمر سيدر" بيار دوكان، ولحراك ولإتصالات السفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه مع المَسؤولين اللبنانيّين. وعلى الرغم من عدم وُجود أيّ مُبادرات فرنسيّة مُباشرة في أيّ من الملفّات موضوع البحث، فإنّ الأفكار الفرنسيّة لا بُدّ وأن تكون مُساعدة بشكل أو بآخر، في حال أحسن الجانب اللبناني تلقّفها.

(1) أبرزها زيارات لكل من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النوّاب، ورئيس الحُكومة، وكذلك لوزير الخارجيّة اللبناني، وإستقبالات مُتعدّدة سيعقدها في مقرّ السفارة الفرنسيّة.