كارثة وطنيّة بامتياز وقعت في ​لبنان​، في قلب عاصمته، وحفرت عميقا في قلب مواطنيه. إنفجار أدّى لاستشهاد أكثر من 110 أشخاص، وما يزيد عن 4000 جريح وعشرات المفقودين، الذين لا يُعرف ما إذا كانوا سينضمون الى لائحة الشهداء أم الجرحى. إنفجار لم يبقِ أمانا في قلب، ولا استقرارا في نفس، فأبكى لبنان و​العالم​.

التقت الروايات الرسمية على أنّ المادة المنفجرة والتي تسبّبت بهذا الضرر الهائل، هي مادة "نترات الأمّونيوم"، المخزّنة في العنبر رقم 12 في مرفأ ​بيروت​ منذ 7 سنوات، ما يعني أن بيروت عاشت 7 سنوات قرب "​قنبلة​" شبه نوويّة، قابلة للإنفجار في أيّ لحظة، وانفجرت بعد أن سئمت انتظار استيقاظ ضمائر المسؤولين عن المرفأ.

لون أحمر انتشر في سماء لبنان والدول القريبة، الأمر الذي دفع البعض للتحذير من استنشاق الهواء المحمّل بالمواد المحترقة، ووصل الأمر بالبعض لدعوة الناس لترك المدينة، فما هي حقيقة الخطر المتناثر في الهواء حولنا؟.

بالبداية، يجب الإضاءة على نوعية المواد المنفجرة، فمادة نترات الأمونيوم أو الملح الصخري التي تسبّبت في الإنفجارين، هي مركب كيميائي يحمل الصيغة الكيمائية NH4NO3، ويكون على شكل حبيبات عديمة اللون والرائحة تشبه حبيبات الملح.

تُستخدم نترات الأمونيوم كأساس للعديد من الصناعات أبرزها صناعة الأسمدة، التي يقتنيها ​المزارعون​ في أكياس كبيرة أو بكميات كبيرة، كما يُستخدم في تصنيع القنابل والمتفجرات التي تستخدم في المناجم وهذا لسهولة اشتعاله لوجود الاوكسجين الوفير في الجزيئات.

من المعلوم أن المواد الكيميائية تسبّب الضرر للإنسان، ولكن هذه المادة بالتحديد، وبحسب الطبيب المتخصص في ​الأمراض​ الجرثومية ​عبد الرحمن البزري​، لا تشكل خطرا كبيرا عند استنشاقها، أو يمكن القول أن خطر استنشاقها ليس بالحجم الذي يتحدث عنه البعض، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن هذا لا يمنع المواطنين من أن يرتدوا الكمّامة لأنها تحميهم من المواد الكيميائية وفايروس ​كورونا​ أيضا الذي لا يجوز نسيانه وأن نتعاطى معه وكأنه لم يعد موجودا.

ويضيف البزري: "عندما احترق المستودع، احترقت معه بعض المواد البلاستيكيّة، وهي بسبب الرطوبة المرتفعة، تعيش في الهواء لمدة اطول من غيرها من المواد، وهي أيضا تسبب الضرر لمستنشقها لفترات طويلة، و​الكمامة​ أيضا تؤمن عدم استنشاقها"، متوجّها بنصائح لمن يرغب بزيارة منزله أو مكتبه بمحيط الإنفجار لرفع الانقاض، أن يرتدي الكمامة والقفازات، وأن يغسل يديه بشكل مستمر، وبحال كان المنزل لا يزال صالحا للسكن فيجب على السكان إقفال نوافذهم ليومين او ثلاثة أيام.

أما من يعاني من امراض رئويّة مزمنة، ويسكن بمكان قريب للغاية من مكان الإنفجار فعليه بحسب البزري تشغيل ماكينة تنقية الهواء بحال كان يملك واحدة، أو يحتاط قدر المستطاع، ويخرج من المنزل ليومين او ثلاثة أيام، مشيرا الى أن المعنيين بهذه الحالة هم الذين يسكنون بمكان قريب جدا من مكان الحادث.

لا يجد البزري نصائح ترك بيروت مبرّرة، فلا داعٍ لمثل هذه الدعوات التي تنشر الخوف لا الحذر، ولا داع لنشر الرعب فوق الرعب، فكل المطلوب هو أخذ الحيطة، وارتداء الكمامة.