بالرغم من وضوح المادة 41 من الدستور ال​لبنان​ي، التي تنص على أنه "إذا خلا مقعد في المجلس (النيابي) يجب الشروع في إنتخاب الخلف خلال شهرين"...، إلا أن الإنتخابات الفرعية التي يجب أن تحصل لملء مقاعد النواب الثمانية، الذين كانوا قد تقدموا بإستقالتهم على اثر الإنفجار الذي حصل في ​مرفأ بيروت​، تبدو في مهبّ الريح، بالنظر إلى الظروف الصحّية القائمة في البلاد، لناحية إنتشار ​فيروس كورونا​ المستجد، بالإضافة إلى صعوبة تشكيل حكومة في وقت قريب تشرف عليها، حيث أن موضوع حصولها في ظل حكومة تصريف أعمال موضوع أخذ ورد بين الخبراء الدستوريين.

في هذا السياق، من الضروري الإشارة إلى أن مدّة الشهرين، المنصوص عنها في المادة الدستورية المذكورة في الأعلى، تقابلها المادة 43 من ​قانون الإنتخاب​ الحالي، التي تنص الفقرة الثانية منها على أنه "تدعى ​الهيئات الناخبة​ بمرسوم ينشر في ​الجريدة الرسمية​. وتكون المهلة بين تاريخ نشر هذا المرسوم وإجتماع الهيئات الناخبة ثلاثين يوماً على الأقل"، ما يعني أنّ الإجراءات العمليّة لهذا الإستحقاق من المفترض أن تبدأ خلال مهلة 30 يوماً بدأت من يوم الجمعة الماضي بتاريخ 14 آب.

على هذا الصعيد، لا تستغرب مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن يصار إلى تأجيل الفرعية، نظراً إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتم تجاوز فيها هذا الأمر في لبنان، لا سيما في السنوات الماضية منذ العام 2005، لكنها تشير إلى أن ذلك يعد مخالفة دستورية واضحة، نظراً إلى أن الدستور واضح في هذا المجال، لناحية ضرورة الشروع في إنتخاب الخلف خلال شهرين، وتلفت إلى أن التحجّج بالأوضاع الصحّية قد يكون هو الورقة الرابحة في هذا المجال، خصوصاً أن هذا الأمر قائم على مستوى العديد من الدول الأخرى، منها ​الولايات المتحدة​ التي طرح رئيسها ​دونالد ترامب​ فكرة تأجيل الإنتخابات الرئاسية.

وتوضح هذه المصادر أنه في هذه الحالة ستبقى هذه المقاعد شاغرة إلى حين حصول الإنتخابات الفرعية، من دون تجاهل أن غياب حكومة كاملة الصلاحيات قد يحول دون حصولها أيضاً، بسبب غياب النص القانوني الذي يعطي حكومة ​تصريف الأعمال​ الحق في الإشراف على ​الإنتخابات النيابية​، وبالتالي الأمر يخضع للإجتهاد، وتضيف: "المسألة يجب أن تبدأ من وزير الداخلية والبلديات، الذي عليه أن يعدّ مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ويرسله إلى ​مجلس الوزراء​ من أجل إقراره، وفي هذه الحال يكون قد رفع المسؤولية عنه".

في الحالتين، تتوقع المصادر نفسها أن يُصار إلى تجاهل دعوة الهيئات الناخبة أو إجراء هذه الإنتخابات لعدة أسباب، سياسية وغير سياسية، في حين من المستحيل بعد تلاوة الإستقالات في ​المجلس النيابي​ أن تتم العودة عنها بأيّ شكل من الأشكال، إلا أنّها تلفت إلى أن هذه المسألة ستكون موضع أخذ ورد بين القوى المعنية، في الموالاة والمعارضة، مع من يعتبر أن هذا الإستحقاق من الممكن أن يكون بمثابة إستفتاء على الخيارات السياسية في أكثر من دائرة، وبالتالي سينضم إلى لائحة المواضيع الخلافية في وقت قريب، وربما يدعم طرح أصحاب نظرية الدعوة إلى إنتخابات نيابية مبكرة.

في الجانب المقابل، تشير مصادر قانونية، عبر "النشرة"، إلى أن موضوع تصريف الأعمال لا يؤثر على إجراء الإنتخابات الفرعيّة، نظراً إلى أنّه في ظل وجود مادّة دستوريّة واضحة يصبح من مهمّة ​الحكومة​ أن تقوم بذلك، وبالتالي يدخل الإشراف على الإنتخابات ضمن المهام التي تستطيع القيام بها في حالة تصريف الأعمال، إلاّ أنّها تلفت إلى أنّ الموضوع الصحّي، في ظلّ إرتفاع أعداد ​الإصابات​ التي تسجل بفيروس كورونا، قد يكون هو السبب الأساسي لتأجيل هذا الإستحقاق، من دون تجاهل أي سبب آخر يتعلق بالأوضاع الماليّة للدولة.

إنطلاقاً من ذلك، تلفت هذه المصادر إلى أنّ السلطات المعنيّة تستطيع تأجيل موعد هذا الإستحقاق الدستوري، بسبب الظروف الصحية، على أن يُصار إلى دعوة الهيئات الناخبة في أقرب وقت ممكن، نظراً إلى أن تلك السلطات من مسؤولياتها تأمين حصول الإنتخابات في ظروف مناسبة من كافة النواحي، ومنها الظروف الصحية التي قد تحول دون مشاركة القسم الأكبر من الناخبين في عملية الإقتراع.