أوضح مستشار رئيس ​​الحكومة​​ الأسبق ​سليم الحص​، ​رفعت البدوي​، الى انه "ما كنت أحسبني أحيا الى يوم أشهد فيه ​بيروت​ مدينة منكوبة معالمها مدمرة مشاهد الدمار فيها مرعبة، وبيوتها تهدمت خلال ثوان قليلة، عائلاتها تشردت وناسها في حال من الصدمة، واطفالها يصرخون مستنجدين، عيون الأمهات فيها والأباء دامعة، وأشلاء القتلى والضحايا في شوراعها متناثرة، فهي منظومة من المجرمين الفجرة، تجار المواد المتفجرة، جعلوا منها ​قنبلة​ مدمرة في مستودعات المرفأ مخزنة بحماية محفل مافيا الأبالسة، تنفيذاً لأوامر العصابة المتصهينة بانتظار لحظة التفجير وافتعال المجزرة".

وتساءل البدوي "كيف نبرّئ ​إسرائيل​ وهي التي هددتنا بضربة استباقية أليس كذلك؟ إسرائيل توعدتنا بإعادة ​لبنان​ الى العصر الحجري أليس كذلك؟ إسرائيل لا تريد ​مرفأ بيروت​ منافساً لمرفأ حيفا أليس كذلك؟ إسرائيل ادعت مسبقاً وجود أسلحه دقيقة للمقاومه وصورت العنبر بالأقمار الصناعية أليس كذلك؟ إنها على علم بوجود المواد المخزنة في مرفأ بيروت وهي التي موّهت واستأجرت مركباً مهترئاً وشحنة النترات الى مرفأ بيروت أوصلت، وبمساعدة منظومة فساد الى العنبر أدخلت، وتقارير خطورتها بسحر ساحر اغلقت، ولسنوات سبع بقيت مخزنة لاستعمالها في الوقت المناسب كقنبلة مدمرة. وبذلك تكون إسرائيل لهزيمتها انتقمت وصبت حقدها في بيروت العاصمة المقاومة، وبالكذب والادعاء والافتئات نجحت، بتأليب السكان على المقاومة بعد استنهاض الماكينة الإعلامية بتوجيه الاتهام وتحويل مسؤولية ​انفجار بيروت​ عن ​اسرائيل​ وتحميله زورا وبهتاناً الى مقاومة هزمت إسرائيل ولجيشها قهرت وردعت، ألهذا الحد هانت عليكم بيروت أيها الخونة؟ ألسنتكم ابتُلعت وحناجركم اختنقت، وأصواتكم اختفت عن إدانة اسرائيل؟ لأجل استمرار مصالحكم وصفقاتكم على دماء الشهداء الأبرياء والجرحى والامهات والزوجات الثكالى و​الأطفال​ اليتامى والمشردين، وعلى حساب بيروت العاصمة؟، فلا تختبئوا خلف أجنداتكم الإقليمية ولا تتجاهلوا الدوافع ولا تضيعوا ال​تحقيق​ات والأدلة بحجة أن مصالح الدول لها الأولوية".

وبيّن البدوي انه "ما كنت أحسبني أحيا الى يوم أشهد فيه على كارثة إنسانية وطنية دمرت نصف مباني العاصمه بيروت وشردت أهلها فيما لسان البعض ينفخ في بوق الطائفية والمذهبية وعلى المقاومة الشريفة يقذف بالمسؤولية. ذنبها أنها انتصرت على إسرائيل. ما كنت أحسبني أحيا لزمن أرى فيه هذا العهر والكذب وحملات موسعة وحفلة مسبقة الدفع من الدجل والتلفيق والافتئات مرفقة بأبواق إعلامية ورموز وقيادات روحية للحياد تراها مروجة ولغسل العقول بالحقوق الطائفية المقيتة واعظة ونافخة، ورغم آلالم وهول الكارثة، ترى الناس سكارى وما هم بسكارى، على أبواب المشافي متروكة، وأموالهم في البنوك محجوزة، وعنهم ممنوعة، وعلى أرصفة ​المصارف​ ترى الناس مذلولة، وصحة ​الانسان​ بالأوبئة مهددة، وشوارع المدينة ب​النفايات​ ممتلئة. بلد تحكمه منظومة بالنهب المنظم موصوفة، ومن الشعب ملعونة، جعلا من مفاصل ​الدولة​ مراكز طائفية موبوءة، فيما تلك الدولة عن دورها محتجبة، فلبنان الثقافة والحضاره والعيش المشترك لم يعد يشبهنا، لبنان الذي نعرف وتربينا ونشأنا فيه صار على أرصفة الهبات والتبرعات متربعاً. لبنان الذي نعرف تغير نحو الأسوأ بعدما اصطدمت كل محاولات الإنقاذ بالطائفية والمذهبية فباءت بالفشل، ولبنان الوطن وبفضل الطائفية والمذهبية صار أوطاناً بل مزارع منتجة للتعصب والكراهية، حتى صرنا غرباء عن التربية والهوية الاصلية".

وتابع البدوي: "في المحصلة ضاع حق بيروت كما ضاع حق ​رفيق الحريري​ ورفاقه الشهداء في لعبة الأمم ولصالح أجهزة دول، و بين أروقة الغرف المغلقة، ما يعني أنه إذا أردنا اكتشاف حقيقة من اغتال رفيق الحريري ومن هي الجهة التي فجرت مرفأ بيروت فإنه يتوجب علينا معرفة حقيقة من اغتال الرئيس الامريكي جون كنيدي، وما كنت أحسبني أحيا الى يوم أشهد فيه أننا في عالم متحول ومتغير بسرعة فائقة، لا مكان فيه للإنسانية، فالعدالة صارت مطاطة ولا عدالة في هذا العالم سوى عدالو السماء. أما ​القضاء​ فحدث عنه ولا حرج، فقوسَ العدالة قد يُهجرْ وسيفُ ​العدل​ قد يُكسر، لمجرد ​اتصال​ هاتفي، أو لمجرد إبرام صفقة مشبوهة بين الدول، وما كنت أحسبني أحيا الى يوم أرى فيه نجمة داوود خفاقة في بلادنا العربية، وما كنت أحسبني أرى الجملة التي كُتبت على باب الكنيست "من النيل الى الفرات ملكك يا إسرائيل" تأخذ حيزاً من الواقع، ولم أكُ يوماً أحسب نفسي أشهد فيه على انتفاء صفة العداء لإسرائيل، واختفاء خطرها التوسعي واقدام بعض العرب على طعن ​فلسطين​ لتحقيق حلم إسرائيل والاعتراف بها جاراً مسالماً تواقاً للسلام، فخلوت مع نفسي اراجع مبادئي التي كدستها طيلة حياتي ولم أزل منذ نشأتي ورغم اشتعال الشيب في رأسي، ونحن نعيش في عالم ضاق به العدل، عالم أطاح بالمبادئ، فضاع الحق، ولو كان الحق وطناً اسمه فلسطين وقد تشرد شعبها بأجياله، وما كنت أحسبني أحيا الى يوم أشهد فيه على ضياع وطن اسمه لبنان وعلى ظلم هذا العالم".