على الرغم من أن بعض المعطيات توحي بأن التسوية القائمة على المستوى الحكومي، التي من المفترض أن تترجم في الإستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف المحددة يوم الإثنين المقبل، باتت شبه منجزة، وهي تقوم على شبه تحالف رباعي بين: "​حزب الله​" و"​حركة أمل​" و"​التيار الوطني الحر​" و"​تيار المستقبل​"، هناك معطيات توحي بأن الصورة لا تزال حتى الآن ضبابية.

في هذا السياق، من الضروري السؤال عن موقف باقي القوى الأساسية، أي "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" وحزب "القوات اللبنانية"، لا سيما أن موقف كل من "الإشتراكي" و"القوات" هو الذي حال، بشكل أساسي، دون إعادة تسمية رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، من دون تجاهل "الفيتو" الذي وضع من قبل "التيار الوطني الحر".

حتى الآن، توحي مصادر الفريقين أن الحديث عن التسوية في غير مكانه، نظراً إلى أن الحريري لم يعط الموقف النهائي أو الواضح في هذا المجال، وبالتالي من المفترض إكتمال المشهد في ​الساعات​ المقبلة.

على الرغم من ذلك، تشير مصادر مقربة من "الإشتراكي"، عبر "النشرة"، إلى أن موقف الحزب في هذا الاطار واضح منذ البداية، فهو لا يفضل العودة إلى حكومة تشبه تلك التي كانت برئاسة ​حسان دياب​ أو التي كانت برئاسة سعد الحريري، ويرى أن المطلوب حكومة مستقلة قادرة على تقديم ما يحتاج له المواطنون وما يطالب به الشارع.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن الحزب بإنتظار الساعات المقبلة لاتّخاذ الموقف المناسب، لاستشراف وجود تحول ما من عدمه على هذا الصعيد، أي معرفة ما إذا كان الحريري سيسمي فعلاً اسماً ل​رئاسة الحكومة​ المقبلة، لأنه في هذة الحالة من المفترض دراسة الموضوع بشكل جدي.

من جانبها، تشير مصادر مقربة من "القوات"، عبر "النشرة"، إلى أن الصورة لا تزال حتى الآن ضبابية، رغم تحديد موعد الإستشارات النيابية الملزمة، ولذلك تقرر أن يكون موعد إجتماع تكتل "​الجمهورية القوية​" يوم الأحد ليلاً، لأخذ الموقف المناسب قبل ساعات عشيّة بدئها، وتضيف: "إلى ذلك الحين سيتولى رئيس الحزب ​سمير جعجع​ القيام بالإتصالات اللازمة لمعرفة الإتجاه".

في هذا الإطار، تلفت المصادر نفسها إلى أن "القوات" يعتبر نفسه معنيا بالتأليف أكثر من التكليف، نظراً إلى أنه لا يمكن أن يعطي ثقة بالتأليف يخشى ألا يتمكن رئيس الحكومة المكلف بعدها من تجاوز ضغوط قوى الثامن من آذار، لا سيما "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، وبالتالي يذهب إلى تقديم تنازلات.

وترى هذه المصادر أن المطلوب الذهاب إلى تشكيل حكومة مستقلّة عن كل القوى السياسية، يكون على رأس برنامج عملها التحضير لإنتخابات نيابية مبكرة، والسعي إلى إنقاذ البلد من ​الأزمة​ المالية والقيام بالإصلاحات، بالإضافة إلى طلب لجنة ​تحقيق​ دولية في إنفجار ​مرفأ بيروت​.

أما بالنسبة إلى حديث بعض الأوساط في قوى الثامن من آذار عن أن التوجه هو نحو تشكيل حكومة سياسية أو تكنوسياسية لا تضم تكنوقراط موظفين، تستبعد مصادر مطلعة على مسار المفاوضات الحكومية، عبر "النشرة"، أن يقبل الحريري تغطية مثل هذه المسألة، خصوصاً أنه يعرف الموقفين العربي والدولي، وبالتالي ما يطرح على في هذا السياق ليس أكثر من تمنيات لدى الأكثرية النيابية.

في المحصلة، لا يمكن في الوقت الراهن الحديث عن تسوية نهائية، لا سيما أن الحريري لم يفصح بعد عن اسم مرشحه لرئاسة الحكومة، إلا أنه في المقابل من الضروري السؤال عما إذا كان أيضاً سيوافق على تغطية رئيس حكومة مكلف، مهمته تشكيل حكومة سياسية أو تكنوسياسية، لأنه عندها سيكون من الضروري البحث عما إذا كان "الإشتراكي" و"القوات" سيكونان معه في التوجه نفسه أم يذهبان إلى خيارات أخرى؟.