يعيش ​لبنان​ منذ أيام مخاضاً عسيراً لولادة ​الحكومة​، وهي النقطة التي تفصل بين إمكانية إنقاذ لبنان من الإنهيار التام أو دفعه نحو ذلك بسرعة. وهنا تكمن كلّ التفاصيل، فالرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ وخلال زيارته الاخيرة كان واضحاً بأن المبادرة الفرنسية مرتبطة بولادة الحكومة.

طبعاً المشهد السياسي يبدو ضبابياً، فكلّ المؤشرات تقول بأن رئيس الحكومة المكلف ​مصطفى اديب​ رمى الكرة في ملعب الآخرين ووضع الأسماء دون التشاور مع أي من ​الكتل النيابية​. هذا الأمر تلقّفه ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ وأطلق مروحة مشاورات على مدى يومين، في حين أنّ ​الثنائي الشيعي​ لا يزال متمسكاً بحقيبة المال وتسمية الوزراء ​الشيعة​. وهنا جملة اسئلة تطرح: "هل ينسف هذا الموقف المبادرة الفرنسية، وما هو مصير الحكومة؟!.

ولادة الحكومة حتمية

"المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة، وما حصل في ​الساعات​ الاخيرة هو "شدّ حبال" بين الفرنسيين و"​حزب الله​"، ولكن لا مصلحة لأي منهما بإفشال المبادرة". هذا ما يؤكّده الكاتب والمحلل السياسي ​جوني منيّر​، معتبرا أن "قضيّة تمسّك "الثنائي" ب​وزارة المال​ هو مسألة أخرى ويعمل الفرنسيون على ترتيب الامر خلف الكواليس". بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي ​نبيل بو منصف​ أن "مهلة الاربعة وعشرين ساعة الاضافية التي منحها الفرنسيون فاصلة، ويبدو أن هناك مشاورات جدّية تحصل، وإلا لكان أديب توجه الى ​القصر الجمهوري​ وقدّم بيان الاعتذار".

فشل المبادرة والعقوبات

يشير بو منصف الى أنه "اذا فشلت ولادة الحكومة معناها أنها ستنعكس فشلاً على المبادرة الفرنسية وسنشهد المزيد من العقوبات بعد تلك التي شهدناها مؤخراً على الوزيرين السابقين ​علي حسن خليل​ و​يوسف فنيانوس​". في حين أن منيّر يؤكد أنه ليس متشائماً "فلا مناصّ من ​تشكيل الحكومة​ والبديل عنها هو الكارثة"، لافتا الى أن "اسم وزير المال المقبل منسّق جيداً وهو من المستقلّين وليس من أخصام حركة "أمل" أو "حزب الله"، مضيفا في نفس الوقت: "لن يسمّي وزير المال لا "أمل" ولا "حزب الله"، معتبرا أنه "يجب النظر جيداً الى ما حصل مؤخرا بين الفرنسيين وبين "حزب الله" وحركة "أمل".

موقف بومبيو يدعم الفرنسيين

"تشدّد الفريق الشيعي بحقيبة المال مردّه الى الموقف الايراني المتشدّد في لبنان". هذا ما يشرحه بو منصف، لافتا الى أن "الصراع الأميركي-الايراني في المنطقة ينعكس على تشكيل الحكومة، التي إن سقطت فالعقوبات قادمة لا محال"، واضعا كلام ​وزير الخارجية​ الاميركي ​مايك بومبيو​ من الفرنسيين وحزب الله في خانة "اللوم لماكرون لجلوسه على طاولة واحدة مع الحزب، ومؤكدا في نفس الوقت أن "كلام بومبيو ليس ضدّ الفرنسيين ولكنه يشعر أن طريقة تعامل الرئيس الفرنسي مع الحزب دفعت بالايرانيين الى التشبث بموقفهم". أما منيّر فيرى أن "موقف رئيس الدبلوماسيّة الاميركي يدعم الفرنسيين ويؤكد في نفس الوقت أنه إذا لم تنجح مبادرتهم فإنه لا مجال لعدم وجود عقوبات".

إذاً، تتجه الانظار الى المرحلة الاخيرة من المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة، فهل تنجح المبادرة الفرنسية في ولادة حكومة أم أن تشبث "الثنائي الشيعي" بموقفه خصوصا لناحية التمسّك بحقيبة المال سيؤدي الى نسف المبادرة وعلى الارجح دفع البلاد الى المجهول؟!.