طُلب من ​النازحين السوريين​ وعشرات العائلات منهم اخلاء "مجمع الأوزاعي" عند المدخل الشمالي ل​مدينة صيدا​، بعد أن قطنوا فيه سنوات طويلة بانتظار العودة الى قراهم وبلداتهم في ريف حماة الغربي في سوريا، ولكن لا العودة تحقّقت ولا الاقامة دامت، ليبدأوا مرحلة جديدة، بعد اعتمادهم على المساعدات الإنسانية، وسط بؤس وفقر.

قرار إخلاء "المجمع" الذي يتألّف من خمسة طوابق غير مُكتملة البناء، يُعتبر الأكبر في منطقة الجنوب، وقد جاء عقب حصول إدارة كلية "الإمام الأوزاعي" في بيروت التي تملك المباني، على قرار قضائي لاستعادته قبل إلغاء الرخصة الممنوحة لها والصادرة عن ​وزارة التربية والتعليم العالي​، لاعتباره فرعاً من كلية الجامعة في صيدا، بعد سنوات من تأجيره للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في العام 2012 وتحت إشرافها وبلدية صيدا، وقيامها بسلسلة خطوات متدحرجة لتنفيذ القرار بنجاح ودون اعتراض او شغب، اذ سبق وطالبت بإخلائه في العام 2015 ولم يتحقّق الامر لاسباب كثيرة.

أحد النازحين واسمه أبو حافظ، أب لعشرة أولاد، هرب من منطقة الحويجة في ريف حماة الغربي في العام 2013 خلال الأحداث الأمنيّة في سوريا، وأقام في المجمّع مع نحو 174 عائلة، يقول: "لقد أخليت الغرفة التي أقيم فيها على مضض، بقيت اغراضي في الشارع خلف المجمع لمدة يومين، الى ان تمكنت بشق النفس، من استئجار "شبه منزل" في منطقة الشرحبيل بقيمة 300 الف ليرة لبنانية، وهو مازال على "العظم"، دون نوافد وابواب وباقي الاحتياجات ولكن لا مفر، حتى اليوم لم نستوعب الامر"، قبل أن يتساءل "أين نذهب؟ لا يوجد مكان نلجأ اليه، ومناطقنا في الريف ما زالت مسرحاً للأحداث العسكرية، والأوضاع الإقتصادية والمعيشية صعبة ووباء "​كورونا​" يتفشّى ولا يترك لنا الكثير من الخيارات"، مُشيراً الى "أنّ هذا المجمّع على ما فيه، كان يحفظ كرامة النازحين ويُبعد عنهم شبح التشرّد، وطردنا من دون تأمين مأوى وغذاء وكساء، بمثابة "الإعدام لنا".

وتشير مصادر صيداوية متابعة لـ"النشرة"، ان سلسلة خطوات اتخذت لضمان نجاح التنفيذ، ابرزها قيام وفد من الكليّة بلقاء رئيس بلدية صيدا المهندس ​محمد السعودي​ والتمهيد للاخلاء حفاظا على رخصة التعليم الممنوحة لهم، ثم وضع الملفّ بين يدي القضاء اللبناني ليكون الحكم حاسما وغير قابل للتسويف والمماطلة، ثم تكليف احد الاجهزة بتنفيذه بالطريقة المناسبة وعلى مراحل، وفقا لظروف كل عائلة وأوضاعها، حيث جرى دراسة كل ملف على حدى، قبل استدعاء من يمثّلها وتوجيه الإنذارات بالإخلاء.

وأكد النازحون في المجمّع، ان عملية الإخلاء التي انطلقت منذ اسبوع تقريبا شملت في مرحلتها الأولى 14 عائلة، تبيّن أنّهم ميسورون ويستطيعون تأمين مساكن بديلة، فانتقلوا الى أماكن أخرى، ثم تدحرجت لتصل الى 25 عائلة، قبل ان "تكرّ السبحة" لتصل اليوم الى نحو النصف، اذ غادر نحو 90 عائلة من أصل قرابة 174 تقيم في المجمع، وأُعطيت مهلة لغير القادرين على تأمين البديل، لترتيب أوضاعهم.

وأكد رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، ان "قرار إخلاء المجمع قد اتخذ والموضوع بات الآن بين يدي القضاء الذي كلف الأجهزة الأمنية بالتنفيذ وعلى مراحل، وفقا لظروف كل عائلة وأوضاعها"، مُتوقّعاً أن تتمّ عملية الإخلاء بهدوء وبشكل طبيعي، إذ جرت استضافتهم قدر المستطاع ولكن الكلّية تريد المباني حتّى لا تفقد الرخصة التعليميّة"، مؤكداً أنّ مسؤولية ما يجري تقع على عاتق الدولة، وهم في كلّ الأحوال ضمن نحو أكثر من مليون نازح سوري في لبنان وبلدية صيدا "ليست المسؤولة عن تأمين بديل لهم، هي تساعد ولا تشرف على العملية".

بينما كشف مسؤول ملفّ النازحين في بلدية صيدا، عضو المجلس البلدي كامل كزبر لـ"النشرة"، انه جرى التواصل مع مفوضّية الأمم المتّحدة المعنيّة أساساً بهذا الملفّ للنظر في امكانيّة تأمين مساكن بديلة للعائلات النازحة غير القادرة على الإستئجار، وهم لا يملكون بديلا مناسبا، في ظلّ الأزمة الإقتصادية والمعيشية الخانقة والغلاء وتفشي وباء كورونا"، مشيرا الى ان "الملفات تدرس ولم يتخذ اي قرار بعد"، موضحا ان "جمعية اليد الكريمة التي تهتم بالايتام او الارامل تكفّلت بـ6 عائلات واحتضنتهم، ونأمل ان تبادر جمعيات اخرى الى ذات التحرك"، مستبعدا "حصول أيّ عمليات شغب لعرقلة استكمال الإخلاء".