شهد تشكيل حكومات ما بعد الطائف معارك سياسية عنيفة، فمع تكليف رئيس جديد للحكومة وبدء مشاوراته مع "عشائر" السياسيين لاستيلاد الحكومات "الفاشلة الواحدة تلو الاخرى"، تظهر الأزمات بشكل متكرر.

بعد ​استقالة​ ​حكومة حسان دياب​ التي لم تكن مهمته بالسهلة في ظل الاجواء الضاغطة التي تعصف بالبلاد، وفي ظل الشلل الذي ضربها بفعل الحرتقات عليها، يومها اعتبر الجميع أننا دخلنا في المجهول، فأتت المبادرة الفرنسية حاملةً معها رئيس الحكومة المكلّف ​مصطفى أديب​،

الذي لم تكن رحلته سهلة، خصوصاً أنها كانت تُخاض من قبل فريقين أساسيين، الأول هو فريق رؤساء الحكومات السابقين الذين حاولوا فرض عرف جديد يقول إن رئيس الحكومة هو من يؤلف الحكومة ضاربين بعرض الحائط اتفاق "الطائف"، وبين ​الثنائي الشيعي​ الذي أراد تكريس عُرف وهو بقاء حقيبة المالية من حصّتة. وبسبب هذا الكباش، طارت الحكومة المنتظرة، هذا اذا لم يكُن هناك ما هو غير منظور ساهم في تطييرها! في وقت يعيش المسؤولون فيه ترف الكباش السياسي الطوائفي العشائري على حساب اموال الناس واقتصادهم وارزاقهم التي بدأت تدقّ وتنحر أعناقهم في بلد ​الأرز​ والاربعين...

صباح اليوم كسر ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ كلّ الجمود بالدعوة الى استشارات نيابية ملزمة في 15 من تشرين الاول الجاري لتكليف رئيس حكومة، وأشارت مصادر مطلعة الى أن "رئيس الجمهورية وأثناء انتقاله ورئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ الى ​الكويت​ لتقديم واجب التعزية ب​أمير الكويت​ ابلغه نيته بالدعوة الى ​الاستشارات النيابية​ الملزمة، واليوم اتصل عون ببري اطلعه فيه على تحديد الموعد".

ولفتت المصادر الى ان "رئيس الجمهورية اعطى مهلة اسبوع للكتل النيابية للاتفاق على اسم لتكليفه ب​رئاسة الحكومة​"، لافتة في نفس الوقت الى أن "​الرئيس عون​ وخلافا لكل المرات السابقة لن يجري مشاورات منظمة مع أحد قبل الخميس المقبل"، مؤكدة ان "الدعوة للاستشارات غير مرتبطة بالمبادرة الفرنسية".

وشددت المصادر على أن الرئيس يرى أن البلد لم يعد يستطيع أن يكمل على ما هو عليه، وسبعة أيام مهلة كافية لإجراء الكتل مشاورات فيما بينها، مضيفة: "من المهم جدا ان يكون هناك اتفاق مسبق بين الكتل على التكليف والتأليف، واكبر دليل هو ما حصل مع اديب الذي لم تتسهل معه، بسبب تعذّر الاتفاق على التأليف"، مشددة على أن العبر التي استخلصت من تجربة مصطفى أديب يجب أخذها بعين الاعتبار، ولافتة إلى ان المبادرة الفرنسية تعثرت بشقها السياسي ولكن الشق الاقتصادي مستمر.

وعن كل الكلام الذي قيل عن اعادة تعويم حكومة حسان دياب اكدت المصادر أن عون ليس مع تعويم المستقيلة بل على العكس، يؤيد ويشدد على ضرورة تشكيل حكومة جديدة منتجة، لافتة الى أن "ما بات معروفا انه يميل الى تشكيل حكومة تكنو-سياسية وهذا ما بدا واضحا خلال تشكيل حكومة حسان دياب، ويعتبر بنفس الوقت ان خيار حكومة المواجهة في هذا الظرف مستبعد لأن المرحلة دقيقة".

إذا سبعة ايام فقط هي المهلة التي منحها الرئيس عون للكتل للاتفاق على اسم لرئيس الحكومة، فهل نكون الخميس المقبل على موعد مع تكليف رئيس حكومة جديد؟! أم ننتظر مناكفات وكيديات سياسية تذبح المواطنين أكثر فأكثر؟!.