عندما زار الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ لبنان في الأول من أيلول الماضي، قال أن مؤتمرا دوليا لدعم لبنان سيُعقد في شهر تشرين الأّول، ولكن وزير الخارجية الفرنسي ​جان إيف لودريان​، تحدّث الأربعاء عن تأجيل المؤتمر الى شهر تشرين الثاني دون تقديم موعد محدّد، الأمر الذي يؤكّد الترابط الكامل بين "المساعدة" و"الحكومة".

تشير مصادر سياسية مطّلعة الى أن الربط بين المساعدات و​تشكيل الحكومة​ هو ​السلاح الفرنسي​ الذي يملكه ماكرون اليوم، اذ لا قدرة للرجل على الضغط على المسؤولين اللبنانيين إلا من خلال ربط المساعدات بنجاح المبادرة الفرنسية، مشيرة عبر "النشرة" الى أن كل الحديث عن الفصل بين المبادرة الفرنسية السياسية، والإقتصادية، هو كلام غير دقيق، دحضه تأجيل المؤتمر قرابة شهر، أي الى ما بعد المهلة التي حدّدها ماكرون لتشكيل الحكومة.

ترى المصادر أنّ القرار الفرنسي بتأجيل مؤتمر الدعم، يؤكّد صوابيّة موقف رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ودعوته الى الاستشارات النّيابية الملزمة في 15 الجاري، مشيرة الى أنه آن الأوان للتوقف عن تضييع الوقت، والتنبّه لما يخسره لبنان جرّاء كل يوم تأخير. وتضيف المصادر: "قبل الإعلان الفرنسي عن تأجيل مؤتمر الدعم، وصلت معلومات الى قصر بعبدا حول التوجّه الفرنسي، لذلك كان لا بدّ من التحرك وعدم انتظار "اللا شيء"، حتى ولو لم تنعقد الاستشارات أو تأجّلت، إلا أنّ الدعوة بحدّ ذاتها حرّكت المياه الراكدة حكومياً".

من جهتها تشدّد مصادر ​التيار الوطني الحر​ على ضرورة إجراء الإستشارات النيابية في موعدها، سواء تمكّنت القوى السياسية من التوصّل الى تفاهمات حول إسم رئيس الحكومة المكلّف أو لا، فإذا وصلت لن يقف التيار الوطني الحر حجر عثرة بوجهها، وسيتم التعامل مع الإسم بإيجابيّة بحال كان يحوز على شبه إجماع وطني، أو حتى أكثرية نيابية موصوفة، وبحال لم تصل القوى السياسية الى تفاهمات فليتمّ اللجوء الى اللعبة الديمقراطيّة.

وتضيف: "لطالما طالب الجميع باحترام الدستور وشككوا مراراً بموقف رئيس الجمهورية المتريّث بالنسبة للدعوة الى الاستشارات، فهو كان يسعى دائماً لبناء التفاهمات، واليوم ها هم أنفسهم يعتبرون الدعوة "تكتيكاً" سياسيا هدفه الضغط على القوى السياسية"، مشيرة الى "أننا على قناعة بأن البعض لا يريد حكومة في الوقت الراهن تنفيذاً لسياسات خارجية".

بالنسبة الى "الوطني الحر" فإن الرسالة الفرنسيّة واضحة، بأنّ المساعدة مشروطة، وتأخرنا بتشكيل حكومة قادرة يعني عدم وصول المساعدات لإعادة بناء المرفأ وما دمره ​انفجار بيروت​، ونحن على أبواب فصل الشتاء، كذلك المساعدات التي من شأنها فرملة الإنهيار.

لا تستغرب المصادر السياسية إلغاء المؤتمر بحال أُعلن فشل المبادرة الفرنسيّة، مع العلم أن الفرنسيين لن ينسحبوا من لبنان سريعاً، بالمقابل لم يكن أمام رئيس الجمهورية خيارات سوى الدعوة الى الإستشارات النيابية، خصوصا بعد أن وجد نفسه أمام جمود كبير، فلا أحد يتحدّث مع أحد، ولا أحد يتصل بأحد، ما جعل الرئيس يوجه الدعوة لكي لا يقع اللوم عليه، ولكي لا يتحمل وحده وزر ما ستحمله الأيام المقبلة، والتي تعد بأن لا تكون أياماُ ودودة.

يتفق الجميع في لبنان على أنّ الأمور ستتطور الى الأسوأ في المقبل من الأيام، ولعلّ هذه النقطة هي الوحيدة التي يُجمع عليها اللبنانيون، فهل هناك من يرى "النور" في آخر النفق؟.