اشارت مصادر دبلوماسيّة من العاصمة الفرنسية الى ان "مبادرة رئيس ​الحكومة​ السابق ​سعد الحريري​ الى ترشيح نفسه لتشكيل حكومة وفق المبادرة الفرنسيّة، كانت لها أصداء مريحة في باريس"، لافتة الى أنّ "خط التواصل الهاتفي كان مفتوحاً بين باريس و​بيروت​، خلال ​الساعات​ القليلة التالية لمبادرة الحريري".

إلّا أنّ المصادر لم تحدّد الجهات التي شملها هذا التواصل، كما أنّها لم تنفِ أو تؤكّد حصول ​اتصال​ هاتفي بين الرئيس ​ماكرون​ والرئيس الحريري. مضيفة: "أترك للاطراف المعنية بهذا التواصل أن تعلن عن ذلك، لكن ما أستطيع أن قوله هو أنّ التواصل قد حصل بالتأكيد".

اشارت معلومات موثوقة تبلّغتها "الجمهورية" من مطلّعين مباشرين على الأجواء الدبلوماسية الواردة من العاصمة الفرنسيّة، الى أن "أجواء "الإيليزيه" تعكس ارتياحاً ملحوظاً من هذا التطوّر الإيجابي، والخطوة الشجاعة التي أقدم عليها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وهي خطوة تعزّز الأمل في ​البناء​ عليها وصولاً الى حكومة مهمّة انقاذية ينتظرها ​الشعب اللبناني​".

ولفتت المصادر، الى أنّ باريس تأمل أن يتجاوب القادة ​اللبنانيون​ مع مبادرة الحريري، مضيفة: "إنّ إدارة الرئيس ماكرون ستكون حاضرة بزخم لتوفير كلّ ما هو ممكن لتحقيق هذا الهدف بصورة عاجلة، ولكي يرى اللبنانيون حكومتهم وقد تشكلّت ضمن مهلة الأسابيع الستة التي حدّدها الرئيس الفرنسي، وتنطلق في مهماتها، فأمامها عمل كثير لتنجزه".

واضافت: "الشرط الذي حدّده الحريري بموافقة سائر الاطراف على كل مندرجات المبادرة الفرنسية، سيتبلور كما قال في حركة المشاورات التي سيجريها مع القوى السياسية، وتشمل بالتأكيد ثنائي حركة "أمل" و"​حزب الله​".

وبحسب معنيّين بالملف الحكومي، فإنّ "الحريري، وعلى الرغم من انتقاداته العالية النبرة تجاه مختلف الأطراف، حرص على الاّ يكسر الجرّة مع "المُنْتَقَدين"( مع أنّها كُسَرت مع "​القوات اللبنانية​")، حتى أنّ الحريري لم يُعفِ نفسه من المسؤولية، وهذا يُسجّل له، بالتأكيد هناك مواقف في مقاربته لما حصل، ولا تتّفق معه الاطراف عليها، لكنها كما هو واضح، لن تكون محل سجال"، مضيفة: "بالتأكيد ايضاً هناك ايجابيات في ما طرحه، وهي ما قد تحمل الاطراف عينها الى البناء عليها، خصوصاً وانّه قال، وتلك الاطراف تتفق معه، إنّ وضع البلد لم يعد يحتمل ولا بدّ من الإنقاذ السريع".

ورأى هؤلاء المعنيّون، أنّ "مبادرة الحريري الى ترشيح نفسه، اعادت التوازن الى المشهد الحكومي، الذي كان مختلاً ما قبل وما بعد دعوة ​رئيس الجمهورية​ الى الاستشارات الملزمة الخميس، جراء عدم وجود مرشح، فعلى الأقل اصبح هناك مرشح علني، وميزته عمّن سبقه أنّه ذو حيثية تمثيلية وشعبية، فضلاً عن أنّ ترشيحه كان ولا يزال مطلباً حتى لمن يعتبرهم خصومه، ونالهم بالانتقاد المباشر"، مضيفة: "مع الاشارة هنا الى انّ رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ كان اول من نادى ببقائه على رأس الحكومة، وأول من بادر الى ترشيحه ما قبل ​حسان دياب​، وما قبل ​مصطفى اديب​، واستمر على هذا الترشيح حتى آخر لحظة".

ومن هنا، اشار هؤلاء المعنيّون، الى إنّ "الشرط الذي حدّده الحريري بالتزام الاطراف بالمبادرة الفرنسية ومندرجاتها، لن يكون الجواب عليه مستعصياً، ذلك أنّ مختلف القوى السياسية، ومن ضمنها ثنائي "أمل" و"حزب الله"، سبّق أن اعلنت التزامها الكلّي بهذه المبادرة، واستعدادها لتوفير كلّ عناصر انجاحها، حتى بالنسبة إلى حكومة اختصاصيّين لا سياسيّين، فقد قبل بها الجميع، في مرحلة تأليف حكومة مصطفى أديب، ولم تعد مادة خلافية، كما انّها اعتمدت مع حكومة حسان دياب"، مؤكدة أن "ما يعني أنّ هذا الأمر محسوم سلفاً، فالجميع مع المبادرة، وبرنامجها الإصلاحي الإنقاذي، ولا خلاف مع الحريري عليها على الإطلاق، كما لا خلاف معه على أنّ الكل مأزومون، وأنّ الهوامش ضاقت أمام الجميع".