كُلّف رئيس ​تيار المستقبل​ ​سعد الحريري​ ل​تشكيل الحكومة​ المقبلة في استشارات نيابية مُلزمة أعلنت بشكل رسميّ "إنتهاء" الأكثرية النّيابية، إذ أن الحريري سُمي من قبل 65 نائباً، جزء من الأكثرية وجزء من الأقليّة، حتى أنّ الخلافات طاولت النواب داخل الكتلة الواحدة، فتبّدل المشهد.

من القوى الأساسية، ثلاثة كتل نيابية لم تسمّ الحريري، هي ​كتلة الوفاء للمقاومة​، وتكتل "​لبنان القوي​"، وكتلة "​الجمهورية القوية​". ولكن ليست كل الأسباب التي أدّت إلى عدم التسمية هي نفسها، فبالنسبة إلى ​حزب الله​، فهو لم يسمّه كي لا يزيد من حدّة "​الأزمة​"، وترى مصادر سياسية مطّلعة أنّ اختار عدم التسخياره جاء بعد أن تيقّن أن قراره لن يعرقل وصول رئيس مكلّف إلى ​رئاسة الحكومة​، ولكنّه لا يزال على انفتاحه الكامل والمطلق لتشكيل حكومة قادرة على ​تحقيق​ الأهداف المرجوّة منها.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "حزب الله لم يسمّ الحريري لإبقاء الباب مفتوحاً أمام التفاهم الوطني في مرحلة التأليف، وللتأكيد على الموقف لم يسمّ أحداً"، مشيرة إلى أن هذه "الإيجابيّة" للحزب، قابلها موقف إيجابيّ آخر من تكتل "لبنان القويّ" الذي لم يسمّ الحريري ولكنه لم يسمّ غيره أيضاً.

تُشير المصادر إلى أن كلام رئيس تكتل "لبنان القوي" ​جبران باسيل​ بعد الإستشارات حمل إيجابيات، أولها إخراج مسألة الميثاقيّة من الصورة، على اعتبار أنّ الحريري رئيساً مكلفاً "شرعياً"، ومن ثم تأكيده على الدخول في مرحلة المشاورات حول ​تأليف الحكومة​ وفق معايير محدّدة، بما يعني أنّه على استعداد للمشاركة بالحكومة.

وحدها "القوّات اللبنانية" لم تسمّ سعد الحريري ولا تُريد المشاركة بالحكومة المقبلة ولو قُدّمت لها الحصص. إذاً "القّوات" هي الفريق السياسي الوحيد التي رفضت التسمية إنطلاقاً من رؤية مختلفة، لا تقوم على الرغبة في الحصول على مطالب حكوميّة معيّنة، فهي منذ 17 تشرين 2019 تسعى لتقديم نفسها من خارج اللعبة السّياسية، وتحاول التماهي مع طروحات ​المجتمع المدني​.

تعتبر القوات ان الحكومة لن تنجح في مهمّتها، حتّى لو تمّ التفاهم على تشكيلها، وهي سبقت وعبّرت لوفد كتلة "المستقبل" الذي زارها بأنها لن تشارك مع الأكثريّة النيابية لأنها على قناعة بأن لا نتيجة إيجابيّة لأيّ حكومة يشارك فيها الثلاثي حزب الله، ​التيار الوطني الحر​ و​حركة أمل​.

بالنسبة إلى "القوّات" فهم تفضّل إما الذهاب باتجاه حكومة مستقلّة كلياً عن السياسيين، وهذا ما تدرك بصعوبة حصوله، وإما ترك الأكثريّة النيابية لتتصرف وحدها لتتحمل هي وزر الفشل، الأمر الذي ينعكس على صورتها ب​الانتخابات​ النّيابية المقبلة، التي هي الأساس بتفكير "القوات" اليوم.

ترى "​القوات اللبنانية​" أن البقاء خارج ​السلطة​ هو المكسب الحقيقي، لا الحصول على مقاعد وزاريّة، لأنّ كل من سيكون بالسلطة سيتحمّل مسؤوليّة أمام الرأي العام، وبالتالي حتى ولو حصلوا على حصة كبيرة جداً فلن تفيدهم، فهي تراهن على "صرف" هذا الخيار في ​الانتخابات النيابية​ المقبلة نظرا لقناعتها أن الرأي العام المسيحي تحديداً يتماهى مع الطروحات التي تتبناها، وبالتالي سيقود ذلك إلى كسب المزيد من المقاعد النّيابيّة بحيث يصبح ​سمير جعجع​ هو المسيحي القويّ، والدليل على هذا الخيار هو أنّ حزب القوات اللبنانيّة هو أكثر المتحمّسين بالوقت الراهن للذهاب نحو انتخابات نيابية مبكرة ولو على نفس القانون الساري حالياً.

إذا، ولو بدت الإستشارات النيابيّة متوتّرة من حيث الشكل، إلا أنّها من حيث المضمون لم تكن سلبيّة، فالجميع أبدى استعداده للتعاون في التأليف، ما عدا "القوّات" التي ستحاول الإستفادة من سقوط الهيكل.