عقدت الهيئة الوطنية لشؤون ​المرأة​ ال​لبنان​ية واللجنة الدولية للحقوقيين ندوة حول "قواعد الإثبات والممارسات الموصى بها في حالات ​العنف الجنسي​ والعنف المبني على النوع الاجتماعي في لبنان"، شارك فيها السيد سعيد بنعربية مدير يرنامج ​الشرق الأوسط​ و​شمال أفريقيا​ في اللجنة الدولية للحقوقيين، والسيدة كلودين عون رئيسة ​الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية​، التي أشارت إلى أن "تغاضي المجتمع ومؤسساته عن ظاهرة العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي، هو أخطر شكل يتّخذه التمييز ضدّ المرأة. ولا شكّ أن هذا التغاضي المجتمعي، يفسّر النواقص التي نلحظها في التشريعات وفي الإجراءات المتّبعة لتطبيقها. وعدم الاكتراث أو المماطلة في سدّ هذه النواقص، يعكس لدى المشرّعين والقيّمين على إنفاذ القانون، نظرة دونيّة للمرأة تتعارض تماماً مع الخطاب العلني الرسمي الذي يستشهد ب​الدستور اللبناني​ للتأكيد على المساواة بالحقوق والواجبات بين الجميع".

وأكدت أن "الواقع أن مفهوم المساواة بين البشر، ومنهم الرجال والنساء، يرتبط مباشرة بمفهوم الكرامة الإنسانية وبضرورة صونها، وهي لا تصان إلا بضمان القانون للحقوق التي تستتبعها وبتأمين توفيرها لأصحابها. والوصول إلى العدالة التي تصوّرها المخيّلة الشعبيّة حاملة الميزان رمز الإنصاف ومعصومة العينين للدلالة على عدم انحيازها لطرفٍ، هو أحد الحقوق الأساسية وأحد سبل صون الكرامة الإنسانية، وفي لبنان، أدركت الحركة النسائية منذ عقود، الظلم اللاحق بالنساء من جراء تعرضهن للعنف وغضّ الطرف من جانب القانون، حتى عن ​جرائم قتل​ النساء لمجرد التحجج بشرف مزعوم. فكانت الحملات التي نجحت في مرحلة أولى، بإقرار القانون لمبدأ تخفيف العقوبة عوضاً عن إبطالها، والتي توصلت، في مرحلة ثانية، إلى إلغاء العذر المخفّف فيما يسمى جذافاً، جرائم الشرف".

وأوضحت أن "المشرع توصل أخيراً في العام 2014 إلى اعتماد ​قانون حماية النساء​ وسائر أفراد الأسرة من ​العنف الأسري​. وقد شكل هذا القانون، على الرغم من قصوره عن توفير الحماية الكافية للضحية، خطوة أساسية إلى الأمام أتاحت ملاحقة مقترف أعمال العنف في نطاق الأسرة، لكن ظاهرة العنف ضد النساء، وهنّ يشكّلن الأكثرية الساحقة من ​ضحايا​ العنف المبني على النوع الاجتماعي، لا تقتصر على العنف داخل الأسرة، فالنساء والفتيات يتعرضن للعنف في كافة مراحل الحياة لمجرد أن القانون لا يمنع صراحة بعض الممارسات المسيئة بحقوقهن، وقلّ ما يتضمن أحكاماً تساعد على التمييز إيجابياً لصالحهنّ".

ورأت أن "المساعي التي تقوم بها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية للمساهمة في الحدّ من آفة العنف الجنسي والمبني على النوع الاجتماعي، جعلتنا ندرك اتّساع المجالات التي ينبغي لكلّ من يقارب هذا الموضوع، أن يتناولها. لذا إنني أريد أن أعرب عن بالغ تقديري للّجنة الدولية للحقوقيين لتنظيمها هذه الندوة حول "قواعد الإثبات والممارسات الموصى بها في حالات العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي في لبنان"، وأريد أن أثني بنوع خاص على التقرير الذي أصدرته حول الإطار القانوني المطبّق في حالات العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والعمل به فعلياً."