أمس، نشرت ​بلدية الغبيري​ خبراً يقول بأنّ الشرطة البلديّة كشفت على "مستودعات ​​المدينة الرياضية​​ حيث عثرت على آلاف الأطنان من ​​الطحين​​ وهي من ضمن المساعدات المرسلة من دولة ​​العراق​​، مخزّنة بشكل سيء أسفل المدرّجات وفي القاعات السفليّة ومعرّضة للمياه والرطوبة والهواء".

كان هذا الخبر كفيلاً بإعلان الحرب على أجهزة الدولة اللبنانيّة وعلى ​وزارة الإقتصاد​ تحديداً، كونها المعنيّة باستلام الطحين المقدّم من دولة العراق. انتشرت الكاميرات لتُصوّر المشهد، وقيل أنّ المياه أغرقت الطحين تحت المدرّجات، تحدّثت عن الرطوبة التي وصلت إلى أكياس الطحين، الأمر الذي لم يشاهده مدير عام مديريّة الحبوب والشمندر السكري جريس برباري، والذي يكشف عبر "النشرة" القصة الكاملة للطحين في ذلك المكان.

مخازن لمدة قصيرة...

يشير برباري إلى أن البعض فتح النار على وزارة الإقتصاد وضخّم الموضوع رغم عدم دقّة كل ما قيل، أو على الأقلّ، عدم عرض الصورة كاملة، مشدّداً على أن ما حصل هو أنّ الدولة اللبنانيّة حصلت على هدية من الدولة العراقية عبارة عن 10 آلاف طنّ من الطحين، ولم تتمكن الباخرة التي نقلته من إنتظار الكثير من الوقت لكي توزع الكميّات، فكانت الوزارة أمام خيار واحد وهو تفريغ الحمولة وتخزينها قبل أن يُصار إلى توزيعها بعد موافقة وزير الإقتصاد.

ويضيف برباري: "لا يمكن أن تتحمّل ​الدولة اللبنانية​ كلفة إيجارات المخازن، وهي لا تملك مخازن خاصة بها، لذلك طلبت المساعدة من أصحاب الأفران الكبرى والمطاحن و​الجيش اللبناني​ و​بلدية بيروت​، والهدف كان تأمين أماكن لتخزين الطّحين في العاصمة كي لا تتكبد الدولة اللبنانية كلفة نقل مرتفعة، وهكذا حصل"، مشيراً إلى أن الجيش اللبناني قدّم مشكوراً موقع المدينة الرياضية للتخزين.

ويلفت برباري النظر إلى أنّ وزير الإقتصاد كلّف مدير الإهراءات أسعد حدّاد متابعة كل تفاصيل التفريغ والتخزين، وبالفعل قام بالكشف على المخازن بالمدينة الرياضية وتجهيزها، وتفريغ الطحين فيها، كاشفاً عن تخزين حوالي 7 آلاف طنّ فيها والباقي تم وضعه في أماكن اخرى بالعاصمة، وذلك تمهيداً لتوزيعه خلال أسبوعين كحدّ أقصى، وبالتالي هذه النقاط ليست مخازن لوقت طويل، بل هي أماكن موقتة إلى حين التوزيع.

التفريغ والتخزين...

تكشف مصادر عملت في ملف الطحين العراقي أنّ الهبة العراقية، التي كانت الدولة اللبنانية تفضّل أن تكون عبارة عن كمّيات من القمح، لا الطحين، وذلك بسبب توافر وسائل التخزين، وإمكانيّة "الحياة" لوقت أطول، وصلت على متن باخرة في 16 تشرين الأّول الماضي، وبدأ العمل على تفريغ الكميات التي تصل إلى حوالي 200 الف كيس من الطحين.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "إنتهينا من عملية التفريغ نهار السبت في 31 الشهر الماضي، وحدّدنا نقاط التخزين التي قُدمت للدولة اللبنانية مجاناً، ومنها إلى جانب المدينة الرياضية التي قدّمها الجيش، مخازن لبلدية بيروت في منطقة الكرنتينا، المخازن الخاصة بأفران "إل فورنو" في خلدة، ومخازن أفران "شمسين"، مشيرة إلى أننا "نقلنا الطحين إلى المدينة الرياضية، وهو عبارة عمّا يزيد عن 80 ألف كيس، بعد أن قامت شركة خاصة لمكافحة القوارض برش المكان بشكل كامل وتنظيفه، واشترينا حوالي 6 آلاف "طبليّة" خشبيّة لوضع الطحين عليها، كي لا يكون ملاصقاً للأرض، وحوالي 1000 متر مربع من "الشوادر" التي غطّت كل الأكياس ومنعت وصول المياه إليها".

وتلفت المصادر النظر إلى أن بعض الأكياس التي تحدّثت عنها بلدية الغبيري، هي أكياس طالها العفن، وعددها لا يصل إلى 200 كيس، ووضعناها جانباً بعيدا عن باقي الأكياس، مشدّدة على أنّ كل كميات الطحين لا تزال صالحة، وغير صحيح ما يُقال عن تلف كميات منها.

صُور تلف بعض الأكياس

شعر الشعب اللبناني على وسائل التواصل بالغضب جرّاء المشاهد التي رآها، إذ شعر بأنّ كل المساعدات التي وصلت إلى لبنان بعد انفجار المرفأ ذهبت سدىً. كذلك فإنّ كل الكلام الرسمي الذي صدر عن المعنيين، لا يلغي حقيقة أنّ الصور التي أُخذت من المكان أظهرت وجود بعض الكمّيات مخزّنة بطريقة غير سليمة، وبالتالي يجب نقلها بأسرع وقت ممكن قبل أن تتعرّض للتلف، وكان يجدر بالقائمين على التخزين التنبّه من حالة الطقس السيّء، إذ لا يُمكن للدولة اللبنانية أن تستهتر بالمخزون الغذائي للشعب اللبناني، علماً أن هذه "الهدايا" تخفّف الضغط عن ​مصرف لبنان​ الذي يقوم بدعم القمح بواسطة العملات الصعبة.