إِجراءات الخزانة الأَميركيّة في حقّ رئيس "التيّار الوطنيّ الحرّ" النّائب جبران ​باسيل​–وخلافًا لبعض المواقف السّياسيّة الدّاخليّة مِن خارج سرب التَّبصُّر الوطنيّ–قد زادت أسهُم باسيل، في سوق التّداول السّياسيّة.

فرئيس أَكبر حزبٍ مسيحيٍّ لطالما جسّد في ساحات الحراك الشّعبيّ مُنفردًا عبارة "كلًّن يعني كلُّن"... فكانت الـ"كلُّن" تبدأ بجبران... وتنتهي عنده!. والنّائب الّتي وجّهت إِلى صدره غالبيّة السّهام، حتّى "تكسّرت النّصال على النّصال"، وقد قيل فيه أمس: "اصلبوه وأَطلقوا لنا برأبّاس"... يبدو أَنّه في آخر مراحل الجلجلة، قبل انبلاج فجر قيامة ​لبنان​!.

وإِذا كانت وسيلة الصّهيونيّة العالميّة للنّيل من الخُصوم السّياسيّين، تقوم على "تركيب أَفلامٍ" محورُها ​الجنس​ أَو ​المال​، فإِنّ "تركيب الأَفلام" في الستوديوهات الهوليوديّة، محورها "​الفساد​" و"امتلاك الأَسلحة الكيميائيّة والبيولوجيّة"...

هكذا أُطيح بصدّام حسين، ومِن ثمّ تفتّت ​العراق​... الخالية مِن الأَسلحة الجُرثوميّة والكيميائيّة.

وهكذا تمّ التّشفّي مِن معمّر القذّافي و​حسني مبارك​، بذريعة الفساد، بيد أَنّ الوضع بعدهُما لم يكُن البتّة أفضل حالاً... وكأنّ المطلوب مِن تصفيتهما جسديًّا أو سياسيًّا، إِنّما هو تفتيت دولتيهما.

وبالعودة إِلى مشهد إِدانة باسيل مِن الفيلم الأَميركيّ الطّويل، فإِنّه يوجب على بقيّة المشاهد في الفيلم المُركّب، نمطًا إِخراجيًّا كان يُعبّر عنه في ساحات الحراك الشّعبيّ في لُبنان –وهو بدوره مشهدٌ من الفيلم الأميركيّ– بعبارة: "كلُّن يعني كلُّن"، ما يحشُر الولايات المُتّحدة في زاوية انسحاب فصول عقوباتها على رافعي راياتها وشعاراتها في الأزقّة البيروتيّة، وصولًا إلى القائلين إِنّ "المُجتمع الدّوليّ لن يقف مُتفرّجًا على الفاسدين في لبنان". ولا ينبغي على مَن نقلت ​المصارف​ اللّبنانيّة أَمواله الخضراء إلى الخارج، على رُغم أَنّ نُفوذ "المستر ​دولار​" قابضةٌ على المصارف اللّبنانيّة... أَن "يشمت" بباسيل. فاللُّبنانيُّون يعلمُون جيِّدًا كيف تُدار الأُمور في الأقبية الواشنطنيّة. حتّى أَنّ أَحد المصارف اللُّبنانيّة قرّر يوم الجُمعة الماضي، عدم السّماح لصغار المودعين لديه بوضع شيكٍ مصرفيّ بقيمة أَلف دولار لا غير، في الحساب المصرفيّ، بهدف تّحصيله، ولو بعد تجميد المبلغ ستّة أشهُر... فكيف يُعقل في المقابل، أَن يكون هذا المصرف بالذّات، وكذلك عددٌ آخر مِن المصارف اللُّبنانيّة، قد أَمّن تهريب ملايين الدّولارات العائدة إِلى نافذين سياسيّين، إلى ما وراء ​المياه​ الإقليميّة اللّبنانيّة المُتنازع على غازها مع "إِسرائيل"!.

إِنّ كُلّ المُعطيات تُؤكّد أَنّ الشّعب اللّبنانيّ هو المُستهدف مِن الحصار الأَميركيّ على لبنان، كما كان العراقيّون، والمصريّون والليبيّون... وإِذّاك يكون الشّعب في المُعادلة، بمثابة أَكياس المتاريس الرّمليّة، في الحرب الاقتصاديّة على الشّعب اللُّبنانيّ، كما وعلى باقي الشُّعوب... وقد بات الّلبنانيّون مُهدّدين بالمجاعة، مع خمس عشرة دولة أُخرى، بحسب ​تقرير​ مُنظّمة "​الفاو​"، الصّادر يوم الجمعة الماضي... "إِذا لم تصله المُساعدات الإنسانيّة عاجلًا.

وبعد التّجارب الأَميركيّة في الدّول العربيّة الثّلاث المُشار إِليها... أَيُعقل أَلَّا تكون الأَفلام الأَميركيّة قد انكشفت للجمهور نهاياتها التّعيسة؟، أَيُعقل أَن يُؤثر بعض اللُّبنانيّين تجربة "لُعبة الموت" مُجدّدًا؟، وإذا كان اليوم دور باسيل، فدور مَن غدًا؟...

قد حشرت الخزانة الأَميركيّة واشنطُن و"أَمّنت طوق النّجاة" لباسيل، بعد نيّفٍ وسنةٍ مِن "الهيلا هيلا هيلا هيلا هو..." خلافًا للنّهاية السّياسيّة الّتي يأمل فيها الكثيرون له... إِذ سيكون رئيس "التيّار الوطنيّ الحرّ"، بعد العُقوبات الأَميركيّة، أَفضل حالًا بكثيرٍ، مُقارنةً مع الحال الّتي كان عليها قبل العقوبات تلك...