في هذه المرحلة الإنتقالية، ما بين إنتهاء ولاية الإدارة الأميركية الراهنة، وتسلم الإدارة الجديدة، إختارت موسكو توقيت إنعقاد "المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين" في دمشق خلال الأيام القليلة الفائتة. ولاريب أن أهمية إنعقاد هذا المؤتمر الذي يعقد للمرة الأولى على الأراضي السورية، تكمن في إختيار مكان التئامه في حد ذاته، أي في العاصمة دمشق، وليس في أي مكانٍ آخر من العالم، ما يؤكد أن حلّ هذه الأزمة الإنسانية، يبدأ من دمشق، ولن يصل الى خواتيمه المرجوة، بالتالي نهاية هذه الأزمة، وولوج الإقفال الملح لهذا الملف الإنساني، إلا على الأراضي السورية. وذلك من خلال عودة جميع اللاجئين، الذين يبلغ عددهم نحو 8 ملايين لاجئ، منتشرين في دول العالم، ويتركز ثقلهم في الدول المحاذية لسورية، تحديداً في لبنان وتركيا والأردن.

ولكن اللافت في هذا المؤتمر، هو توسيع المشاركة الدولية فيه، حيث شاركت فيه 27 دولة و12 منظمة دولية، وسط مقاطعة غربية- خليجية، ما عدا دولة الإمارات العربية المتحدة.

ويراد من توسيع المشاركة الدولية في المؤتمر المذكور، دفع الدول التي حضرت المؤتمر، الى الإسهام في إعادة إعمار المناطق التي هدمتها الحرب الكونية على سورية، لتأمين البيئة المناسبة لعودة اللاجئين. وفي هذا الصدد، تؤكد مصادر سياسية سورية، أن العودة المرتجاة، تتطلب بذل جهود رسمية ودولية، لجهتي إعادة إصدار الأوراق الثبوتية، لعدد من اللاجئين، الذين غادروا الى دول الجوار، من دون هذه الأوراق. كذلك تأمين المساعدات المالية واللوجستية المطلوبة لتحقيق العودة، والأهم هو تأمين البيئة اللازمة لذلك، برأي المصادر. ولكن تبقى الأولوية لتحقيق الغاية المرجوة، هي إعادة تجهيز البنى التحتية، بما يتناسب مع إستيعاب عودة ملايين اللاجئين، تختم المصادر.

وفي السياق عينه، ترجح مصادر معارضة أن مسألة عودة اللاجئين الى سورية، مرتبطة بإنطلاق العملية السياسية الرامية الى إنهاء الأزمة السورية، لافتةً الى أن بدء هذه العملية، سيترافق حتماً مع تشجيع دولي لعودة النازحين الى ديارهم، خصوصاً من الأمم المتحدة المعنيّة الأولى بملف النزوح. وتستبعد هذه المصادر، تحقيق العودة في شكلٍ عمليٍ وجديٍ، قبل إنطلاق العملية السياسية. وفي الوقت عينه، لاتستبعد أن تمارس روسيا ضغوطاً على تركيا، وتجري الإتصالات والتنسيق مع لبنان، والأردن أيضاً لتسهيل عودة اللاجئين، تختم المصادر.

وفي الصدد أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيانٍ أصدرته في الساعات الفائتة، عن استئناف عملية خروج النازحين من مخيم الركبان على حدود الأردن مع سورية. وكشف البيان عن خروج 203 أشخاص، بينهم 59 امرأة و96 طفلا، عبر معبر جليب، إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.

كذلك قدمت دمشق تسهيلات للمستثمرين السوريين في مصر لنقل أعمالهم إلى سورية، ويأتي ذلك أيضاً في سياق تشيجع "العودة".

وعن مشاركة لبنان في المؤتمر، رغم بعض الإعتراضات الداخلية والخارجية، ومحاولة أحد الوزراء ممارسة الترهيب السياسي على المسؤولين اللبنانيين، لثني لبنان عن المشاركة في المؤتمر، بناءً لأوامر صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت، غير أن لبنان الرسمي، شارك في مؤتمر دمشق بتمثيل وزاريٍ وازنٍ، من خلال تكليف وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية تمثيل لبنان في المؤتمر، الذي حظي بحفاوة سورية كبيرة. وكانت أيضاً كلمة لوزير الخارجية والمغتربين شربل وهبة في افتتاح المؤتمر المذكور.

وكشف مرجع في فريق ال م قا و م ة أن دمشق وموسكو، أبلغا الجانب اللبناني، عزمهما على إعادة تفعيل المبادرة الروسية لعودة النازحين السوريين من لبنان الى ديارهم. ما يشكل خطوة هامة على طريق إنهاء هذا الملف الإنساني، ونجاحاً للبنان الرسمي في بدء حل أزمة إقتصادية واجتماعية غير مسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، يختم المرجع.