مع انتهاء عام 2020 دون حلول جدّية لكل الأزمات ال​لبنان​ية، واقتراب الإنفجار الإجتماعي المتوقع جرّاء رفع الدعم، يجري الحديث عن احتمالات تدويل ​الأزمة​ اللبنانية عبر تدخل ​مجلس الأمن الدولي​ في لبنان وفرض الوصاية عليه، فهل يمكن فعلاً حصول مثل هذا التدويل؟.

يشير الكاتب السياسي ​جوني منيّر​ إلى أن تدويل الأزمة الذي تحدّث عنه لا يعني وصول قوّات طوارىء دوليّة إلى لبنان، إنما تولّي ​الأمم المتحدة​ عبر أدواتها، ومنها ​صندوق النقد​ إدارة ​الدولة​ اللبنانيّة بعد إعلانها دولة فاشلة.

ويضيف منيّر في حديث لـ"النشرة": "عندما تنهار الدولة لن يعود للقوى السياسية أي رأي في مسار الأمور، فالناس ستكون جائعة منتفضة في الشوارع، مع الجرائم و​السرقات​ و​العجز​ الأمني، ومن يدفع باتّجاه هذه النتيجة هم من يمنعون تشكيل حكومة ويمنعون قيام الإصلاحات"، مشددا على أنّ الفرصة لتفادي هذا المصير لا تزال قائمة بحال أرادوا الإستفادة منها.

بالمقابل تشير مصادر معنيّة في قوى الثامن من آذار إلى أنه منذ بداية التحركات الشعبية في الشارع كان هناك رغبة من قبل بعض الأطراف الدوليّة والإقليميّة في إستغلالها لضرب قوى الأكثريّة النيابيّة وفريق ​المقاومة​ في لبنان، لا سيما من خلال الدعوات إلى إنتخابات نيابية مبكرة أو تشكيل حكومة إختصاصيين من خارج القوى السياسية، أي أن الهدف كان تعطيل مفاعيل الإنتخابات النّيابية التي حصلت في شهر أيار من العام 2018.

وتؤكد هذه المصادر عبر "النشرة" أن هذه المحاولات لم تنتهِ حتى اليوم، حيث لا تزال الدعوات إلى إخراج "​حزب الله​" من ​الحكومة​ أو إبعاد "​التيار الوطني الحر​" عنها، تحت حجة أن المطلوب الذهاب إلى تشكيل حكومة من خارج القوى السياسية، بالرغم من أن رئيسها سيكون رئيس ثاني أكبر كتلة نيابية من حيث العدد، وتسأل: "على أيّ أساس المطلوب من قوى الأكثرية أن تؤمن الثقة لحكومة المطلوب منها أن تبقى خارجها أو غير مؤثرة في قراراتها"؟.

إنطلاقاً من هذا المسار، تقرأ المصادر نفسها الحديث عن تدويل الأزمة المحلية، والتي تؤكد أنها ليست ب​الجديدة​ على الإطلاق، حيث طرح في الماضي وضع لبنان تحت البند السابع تحت عناوين مختلفة، لكنها تبدي مخاوفها من تعاظم هذه الدعوات من خلال عاملين أساسيين: الأول يتمثل بالمسار الذي يسلكه ال​تحقيق​ في جريمة إنفجار ​مرفأ بيروت​، حيث بات من الواضح أن هناك من يريد أن يقول أنّ ​القضاء​ المحلي عاجز عن الوصول إلى نتيجة عملية، نتيجة ما يعرف بالحصانات السياسية والقانونية، تمهيداً لإعادة طرح التحقيق الدولي.

أما الثاني، بحسب المصادر المعنية في قوى الثامن من آذار، فيتمثل بالحديث عن تدهور الأوضاع الإجتماعيّة على نحو مضطرد في الأشهر الأولى من ​العام الجديد​، خصوصاً مع التوجّه إلى رفع أو ترشيد الدعم المقدّم من ​مصرف لبنان​ على السلع الأساسيّة، حيث الجميع يتوقّع أن يكون لذلك تداعيات كبيرة على مستوى الشارع، قد تكون أكبر وأوسع نطاقاً من تلك التي عرفتها البلاد في الفترة الماضية.

على الرغم من ذلك، تجزم تلك المصادر أنّ ذلك لن يكون له أيّ مفاعيل عمليّة على مستوى التوازنات القائمة في لبنان، بدليل أنّ كل الدعوات السابقة لم تنجح في تحقيق الأهداف المرجوة منها، مشيرة إلى أنّ المسؤولية تقع على عاتق القوى المعنيّة ب​تأليف الحكومة​ أولاً لفتح الباب أمام المعالجات الجديدة، لا سيما رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​، مع تأكيدها بأن الرهان على المتغيرات الخارجيّة لا يزال قائماً من قبل البعض.

وتلفت المصادر النظر إلى أنّ الموانع التي تحول دون فرض الوصاية الدوليّة على لبنان بالقوّة تأتي من الداخل، عبر قرار القوى السياسية، ومن الخارج عبر قرار الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، إلا بحال كان هناك من يتوقّع مثلا أن توافق ​روسيا​ والصين على المقاربة الاميركيّة، وهذا يعدّ من سابع المستحيلات في هذا الزمان.

يتطلّب الواقع اللبناني إنتظار بعض الوقت لمعرفة الخيط الأبيض من الأسود على مستوى المنطقة، لا سيما بعد تسلم إدارة الرئيس الأميركي المنتخب ​جو بايدن​ ​السلطة​، ولكن الأكيد أنه مهما كانت التداعيات فإن لبنان سيكون أمام أشهر صعبة، نظراً إلى تداخل المعطيات السلبية الداخلية والخارجية.