وجّه المفتي الجعفري الممتاز ​الشيخ أحمد قبلان​، رسالة الجمعة إلى ال​لبنان​يين، حذّر فيها "من هذا التمادي في لعبة الرسائل الفتنوية والانقسامية في الشوارع، إذ لا يجوز استغلال وجع الناس وقهرهم في الشوارع والساحات من أجل تصفية الحسابات. فاللعبة مكشوفة والمطلوب واحد من الجميع هو إنقاذ البلد وحمايته من أبالسة أهل السلطة الذين فقدوا الحسّ الوطني بعد ما سرقوا الدولة وهشّموا مؤسساتها وتقاسموا الحصص على حساب قوت الناس وآلامهم".

واعتبر قبلان أن "البلد لا يحتمل، ولعبة الشارع خطيرة جداً، ومحاولة إسقاط الدولة وكسر هيبة الأمن أكثر خطورة ومن أكبر المآزق التي نشهدها، بل هو جريمة ترتكبها هذه الطبقة السياسية يومياً بحق اللبنانيين عن سابق تصور وتصميم وهي مصرّة على انهيار البلد وإغراقه دون أن يرف لها جفن".

كما حمّل "أهل الربط والحلّ كامل المسؤولية ونتهمهم مباشرة بكل ما يجري، لا بل بكل ما وصلنا إليه من جوع وفقر وفقدان ثقة وفوضى عارمة قد لا تقف عند حدود. وعليه، نحن نحذر من في الشارع ومن في السلطة ونقول للجميع أن لا حلول بالتحدي، ولا إنقاذ بالنكايات والانقسامات، ولا حفاظ على ​السلم الأهلي​ والعيش المشترك بالتحريض، ولا شراكة وطنية بغلبة فريق على آخر، ولا خيار أمام اللبنانيين إلا الحوار والاستماع إلى صوت العقل، والتخلي عن كل الأوهام والأحلام الزائفة".

وأكد قبلان أن "طريق الخلاص معروفة، والوصول إلى العلاجات المطلوبة والمشروعة لا يتأمن إلا بالعودة إلى مفهوم الدولة وعمل المؤسسات وإلغاء ​الطائفية السياسية​، وإقامة القضاء المستقل والعادل ومحاكمة الفاسدين وإقصاء كل من تلوّثت يداه في المال العام وبنى سلطانه وسلطاته على حساب إفقار الناس".

وأشار إلى أن "البلد كان ولا يزال ضحية الفساد السياسي الذي شرعن السمسرة والتلزيمات والصفقات والمحاصصات وحاصر البلد بمزاجيات وذهنيات طائفية ومذهبية بغيضة أدت إلى زعزعة الاستقرار السياسي والأمان الاجتماعي, وعرّضت البلد إلى مخاطر قد تطيح بكل الثوابت والأسس الوطنية التي إذا لم تتأهب كل القوى المخلصة وتعلن الاستنفار العام لمواجهتها وإيقاف هذا الإعصار الذي يعصف بالبلد وبأبنائه".

وفي السياق، اعتبر المفتي قبلان أنه "لا شك في أن هناك من يحرق ​طرابلس​ ويريد إلغاء دور الدولة فيها، ويدفع نحو كارثة أمنية وطنية، والأمر بالغ الخطورة. وحتماً المسؤول ليس الشعب الفقير المنهوب، بل من يقف وراء بعض المجموعات التي تمتهن الإرهاب داخلياً وإقليمياً، ويتلطّى وراء لقمة العيش. فانقذوا طرابلس قبل أن تكون شرارة لحرق لبنان وخرابه".

ولفت إلى "أننا مع التعبير الحضاري ومع التظاهر السلمي، ونضم صوتنا إلى أهلنا وإخواننا في طرابلس، ولكن في الوقت نفسه نحن نلفت نظرهم ونحذّرهم من الذين يحاولون الاستثمار في جوعهم وفقرهم وبطالتهم، فهم كثر، والصائدون في الماء العكر كثر، فالمسؤولية كبيرة، وعلينا كلبنانيين جميعاً مسلمين ومسيحيين أن نعي جيداً ما يخطط لهذا البلد، وما يراد له من انحدار وانهيار يعودان به إلى الفتن والحروب".

ونبّه سماحته إلى "أن المنطقة ضمن دوامة محارق نشطة، والتوظيف الأمريكي لداعش قوي وخطير، وعينه على الخط الممتد من ​العراق​ ف​سوريا​ فلبنان، وميزان الأزمة إحدى كفتيه راجحة، والمخاطر منسوبها يعلو، ما يعني أن أي خطأ وازن يمكن أن يدفع نحو حرب إقليمية، ولبنان جزء من منطقة يمكن أن تحترق بكبسة زر، والمطلوب من اللبنانيين دولة وقوى وشرائح الاتفاق على حكومة إنقاذ قوية وفاعلة لحماية لبنان، وتأكيد وحدته الوطنية وتأمين يقظة شاملة، وليس السقوط في لعبة المقايضة بين الحكومة أو الشارع".