رأى العميد المتقاعد ​جورج نادر​ أنّ "التطرّف الأمني في التعاطي مع ثورة الجوع، في ​طرابلس​ وباقي المناطق، خطير جدًّا. فلا يُمكن تخيير الناس بين الموت جوعًا، أو الموت مرضًا. فالموت هو موت، فيما عائلات كاملة تعاني لتأمين طعامها، بموازاة غياب الدولة عن تأمين الحاجات الغذائيّة الأساسيّة".

وشدّد في حديث إلى وكالة "أخبار اليوم" على "أنّنا لا نبرّر ​العنف​، بل نوصّف واقعًا مؤلمًا جدًّا، له تداعياته في المرحلة المقبلة. فثورات الجوع لا تُحَلّ بالأمن، ولا بمحاولة النّيل من صورة ​المؤسسة العسكرية​ الّتي لا تزال وحدها تحظى بالثّقة المحليّة والدوليّة، وذلك عبر وضع الجيش ال​لبنان​ي في مواجهة ثورة الجوع وحيدًا، بينما يتوجّب على قوى الأمن أن تقوم بدورها في هذا الإطار. ولكن الجيش لن يقمع الناس الجائعة بالقوّة".

وأشار نادر إلى أنّه "لو كانت الدولة حريصة على صحّة الناس، لما كانت سرقت أموالهم وودائعهم، ودمّرت اقتصاد بلدهم. وتُكمِل السلطة بفشلها الذّريع، إلى درجة أنّ تشكيل حكومة من لون واحد بات مستحيلًا. فهذه قمّة الفشل، في وقت تزداد فيه نِسَب ​البطالة​ و​الهجرة​ والجوع، الّتي توحّد الناس من مختلف المذاهب والطوائف". وعن الخشية من إمكانيّة تمدّد سيناريو الفوضى الأمنيّة بسبب الجوع، إلى مناطق ومدن لبنانية كبرى مستقبَلًا، مع تحوُّل الجوع و​الفقر​ والمرض إلى مواد خصبة لتفعيل عمل أجهزة استخبارات أجنبية في لبنان، أوضح أنّه "توجد خشية أمنيّة من الآتي".

وركّز على أنّ "التحدّي الأبرز في المرحلة المقبلة سيكون ​الوضع الأمني​، ومواجهة ثورة الجوع، الّتي تترافق مع معاملة الناس الجائعة كما لو أنّ البلد يسير بشروط طبيعيّة"، مبيّنًا أنّ "أجهزة استخبارات أجنبيّة تتدخّل في الساحة اللبنانيّة، ولكن أجهزة السلطة والأحزاب اللبنانية تتدخّل هي أيضًا، لحَرْف انتفاضة 17 تشرين الأوّل 2019 عن مسارها، من خلال شدّ العَصَب الطائفي والمذهبي، بهدف استرجاع مواقعها في الدولة، وفي أعيُن الناس".

وأكّد "وجوب التنبّه من مرحلة أمنيّة حسّاسة في المستقبل القريب، انطلاقًا من دخول اللّص مع الجائع، على خطّ واحد، وهو ما سيصعّب القدرة على التمييز بين مَن يحقّ له التعبير عن وجعه، وبين مَن جنّدته أجهزة استخبارات أجنبية ليخرّب البلد، وليضرب الناس الجائعة في الشوارع أكثر فأكثر. وهذا واقع خطير يؤدّي إلى خراب كبير، إذا لم يتمّ تدارُك الأوضاع المعيشيّة".

وحول النّشاط الإستخباراتي الأخطر، بين التركي وال​إيران​ي، على الساحة اللبنانية، لفت نادر إلى أنّهما "أضْرَب من بعضن"، إذ إن ​تركيا​ وإيران تستثمران في فقر اللبنانيّين وجوعهم. ولكن التعويل يبقى على وعي الناس، في عَدَم التجاوُب مع هاتين الجهتين، لأنّهما تغذّيان سيناريوهات "شَيْطنة" المطالب المعيشيّة المحقّة". وأوضح أنّه "رغم وجود عناصر إستخباراتيّة تابعة لتركيا في طرابلس، وأُخرى تابعة لإيران في مناطق لبنانيّة مختلفة، حيث يمكن ل​طهران​ أن تنشط، إلّا أنّه لا يُمكن لتلك العناصر أن تضبط أو تعالج مشاكل الناس وأوجاعهم، من فقر وجوع ومرض"، مشدّدًا على أنّ "لذلك، نحذّر من مخاطر أمنية كبيرة. ففي النهاية، ستخرج الأمور عن سيطرة الجميع، إذا لم يتوفّر الحلّ الإقتصادي والمالي".