توقّفت هيئة تنسيق "لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية ال​لبنان​ية"، أمام "خطاب البطريرك الماروني الكاردينال ​مار بشارة بطرس الراعي​، وما تضمّنه من دعوة صريحة للتدويل والحياد"، مشيرةً إلى أنّ ذلك "خطوة غير موفّقة في مقاربة الأزمة في لبنان وكيفيّة معالجتها، لأنّها تنطوي على مخاطر وجوديّة يمكن أن تؤدّي إلى عواقب لا تُحمد عقباها، وتأخذ البلد إلى وضع مدمِّر بالكامل".

ولفتت في بيان، عقب اجتماعها في مقرّ "​حزب البعث​" في ​بيروت​، إلى أنّ "الدعوة إلى التدويل في لبنان، الّذي شهد وما يزال على مدى عقود تدخّلات وإملااءات خارجيّة، أدّت بشكل دائم إلى تعزيز الإنقسامات والخلافات بين مختلف مكوّنات ​الشعب اللبناني​، وصولًا إلى الحروب الأهليّة في فترات متفاوتة، يؤكّد بأنّ أصحاب هذا الطرح لم يتعلموا من دروس الماضي، أو أنّهم يعيرون آذانهم لجهات اعتادت أن تبني أمجادها على الحروب والقتل والدمار".

وركّزت هيئة التنسيق على أنّ "قيمة أيّ طرح تكمن في مدى توافقه مع مزاج أغلبيّة اللبنانيّين، وبالتالي من الخطأ أن يطالب أحد بالتدويل في بلد، ترى أغلبيّته الساحقة أنّ التوسّل بالخارج هو خيانة للوطن وأهله، وتعتبر أنّ أيّ قرار خارجي يشكّل انتهاكًا لسيادة لبنان وكرامته الوطنية، تجب مقاومته بالوسائل المتاحة كافّة".

وتساءلت: "ألم يتّعظ أصحاب هذا الطرح ويدركون أنّ كلّ دولة تعمل وفق مصالحها ومصالح حلفائها، ومن الطبيعي أن يسعى ما يسمّى ​المجتمع الدولي​ الّذي تديره ​الولايات المتحدة الأميركية​، لتحقيق مصالح الكيان الصهيوني، على حساب لبنان وشعبه؟". وتوجّهت إلى البطريرك الراعي سائلةً: "هل تشكّل دعوته هذه، نسفًا للمبادرة الفرنسيّة الّتي لم تعترض عليها أكثريّة القوى السياسيّة الممثّلة للشعب اللبناني، والّتي ما زالت قائمة برضى الجميع؟.

كما رأت الهيئة في طرح موضوع الحياد، استقالة من المسؤوليّة الوطنيّة، وهروبًا من مواجهة الواقع المتمثّل بالعدوانيّة الصهيونيّة المستمّرة على لبنان والمنطقة، لأنّ الحقيقة الّتي يعرفها الجميع هي أنّ لبنان كان دائمًا عرضة للإعتداءات المتكرّرة، سواء من قبل العدو الإسرائيلي أو ​الإرهاب​ التكفيري المدعومين أميركيًّا، باعتراف الأميركيّين أنفسهم على لسان كبار المسؤولين".

وأكّدت أنّ "لبنان لم يكن في يوم من الأيّام معتدّيًا، بل قدّم الشهداء والجرحى وتعرّض للتدمير والإستباحة اليوميّة لأرضه ومياهه وسمائه، وصولًا إلى احتلاله من قِبل العدو الإسرائيلي، ولذلك لا معنى لأيّ حديث عن الحياد في واقع الحال، لأنّه يمكن أن يفسّر أيضًا من المجتمع الدولي كتبرئة للعدو الصهيوني وجرائمه بحقّ لبنان وشعبه".

إلى ذلك، توقّفت هيئة التنسيق أمام "بعض الشعارات الّتي أطلقتها مجموعات مشارِكة في تجمّع ​بكركي​، بتحريض من جهات معروفة بتاريخها الإجرامي الحافل بالمجازر والقتل والتهجير"، ورأت فيها "استحضارًا لمناخات الإنقسام والعبث ب​السلم الأهلي​، مشابهة لتلك التي سبقت إندلاع الحرب الأهلية المشؤومة". وركّزت على أنّه "قد كان أَولى بالبطريرك الراعي إيقاف تلك المجموعات عند حدّها ورفض شعاراتها علنًا، خصوصًا أنّها طالت رئيس الجمهوريّة والمقاومة، الّتي حرّرت الأرض وحمت الوطن من الألعاب التكفيري والعدوانيّة الصهيونيّة".

وشدّدت على أنّ "سكوت صاحب الدار عن تلك الشعارات غير مقبول، لأنه في الأعراف اللبنانية يُعتبر السكوت علامة الرضى، أوّلًا لأنّ للدار حرمتها وقد تمّ انتهاكها بشكل سافر من قِبل جهة هي أبعد ما يكون عن الوطنيّة، وثانيًا لأنّ تلك الهتافات كاذبة وتمثّل افتراءً مقصودًا يهدف إلى تزوير الحقائق، خدمةً لأجندات أميركيّة وإسرائيليّة معروفة ومعلَنة".

وأعلنت الهيئة "أنّها إذ تؤكّد احترامها لمقام ​البطريركية المارونية​ الّتي تُعتبر مرجعيّة أساسيّة في لبنان، فإنّها في الوقت نفسه تأسف لما حصل من انتهاك لهذا الصرح الوطني أمام مرأى ومسمع الراعي"، مهيبةً بجميع المعنيّين "عدم السماح باستغلاله من قبل أصحاب المشاريع التقسيميّة والفتنويّة، تأكيدًا على الإحترام الّذي يجب أن يبقى حاضرًا لهذا الصرح وما يمثّل، ومنعًا من تحويله منبرًا للتراشق الإعلامي والرسائل السياسيّة، فضلًا عن الشعارات غير الوطنيّة الّتي لا تليق بهكذا صرح، كان وما يزال ركنًا أساسيًّا من أركان لبنان".