منذ بداياتها لفتت الألعاب الإلكترونية أنظار ​الأطفال​ والمراهقين، وبدأت مع الوقت تسرقهم من عائلاتهم وأصدقائهم الحقيقيين، كما فعلت السطوة التكنولوجية، نحو عالمٍ افتراضي مرتبط مباشرةً باللعبِ والتحدّي. البلايستايشن ليست سوى وجهًا مُحْدثًا من وجوه الإدمان على الألعاب، الذي تضاعف بأشواط عديدة مع ظهور ​الكورونا​ وبدء حكومات ​العالم​ بتطبيق الإغلاق العام في المدن والأحياء تفاديًا لأضرار الوباء. هذا الإغلاق، وما تبعه من حجر مجتمعي، دفع بالعائلات إلى تعويض نقص التفاعل المجتمعي من خلال السماح لأولادهم بالمكوث ساعات أطول أمام البلايستايشن، الأمر الذي دونه مخاطر جمّة نفسيًا واجتماعيًا وصحّيًا وربّما عقليًا أيضًا. فما هو وكيف نواجهه؟.

فعلى الرغم من رواج ألعاب كالـPubg وغيرها قبل أزمة كورونا الا ان الحاجة اليها قد تضاعفت وبشكل مفرط بعد توفّز المزيد من الوقت للّعب، خاصة بعد اغلاق ​المدارس​ بحيث أصبحت هي المتنفّس الوحيد والرفيق الملازم للأطفال والبديل عن النزول الى الشارع تلافياً لخطر العدوى، في ظلّ سجنهم في فضاءات مغلقة تتعارض مع طبيعتهم في الحركة.

حتى ان الاهل في غالب الاحيان لجأوا في بعض الاسر الى ملء وقت فراغ ابنائهم بتحفيزهم على اللعب دون وعي لنتائج الادمان على هذه الالعاب، ان كان على ​الصحة​ الجسدية او النفسية وبالتالي السلوكيّة. فالألعاب الالكترونيّة تؤثّر على المخ بنفس طريقة تأثير ​المخدرات​، حيث انه مع الإستهلاك الأوّل لها يفرز المخّ هرمون السعادة بكمّية عالية بمقدار يختلف عما يفرزه اثناء شعور الشخص بالفرح العادي، وبمجرد ان يعتاد الدماغ على هذه الالعاب يصبح هرمون السعادة (dopamine) الذي يُفرز طبيعيًا، يسعى الشخص بالتالي الى زيادة الوقت الذي يقضيه مع الالعاب للشعور بجرعة زائدة من السعادة، وهذا ما يحصل في كل مرة حتى يصبح بعد ذلك ادمانا، فتضحي العلاقة بين السعادة واللعب شرطيّة ومباشرة، كما أن الطفل لا يعود ليحصل على السعادة هذه سوى من خلال ممارسة اللعب الإلكتروني.

هذا ويُعتبر الادمان عادة سيّئة تعلّق بها الطفل والمراهق واعتاد عليها الدماغ، وتتمكّن مع الوقت من سحب الأطفال من واجباتهم اليومية والتزاماتهم تجاه الاسرة والمدرسة وتصل الى دخولهم في حالة عزلة. كما وفّرت هذه الالعاب الالكترونية لهم ساحة منافسة وتحدٍّ حقيقيين عبر ​الشاشة​، فاعطت لهم لذّة في القتل و​العنف​ والشعور بالانتصار والاثارة باقتناء اسلحة و​متفجرات​.

على صعيد آخر، للألعاب الإلكترونيّة أضرارا جسدية أبرزها ضعف النظر نتيجة التعرّض للاشعة الكهرومغناطيسيّة، إضافةً إلى آلامٍ قد تحدث في الرقبة او احدى اليدين التي يكثر استخدامها أثناء اللعب، علاوةً على سوء التغذية اذ يعزف الشخص عن مشاركة أهله وجباتهم، فيما يأتي ​النوم​ أحيانًا نتيجة القلق حيث يرى مسار اللعبة في أحلامه مما يُقلق راحة النوم.

من النصائح التي قد تفيد لاجتناب هذه الاضرار وعدم الوصول لمرحلة الادمان، والتي تحتاج ​مساعدة​ نفسية في حال وقوعها، التالي:

-أن يتم محاورة الطفل او المراهق بأسلوب مقنع حول ضرر اللعب لساعات طويلة بعيدا عن لغة التسلّط والتهديد والوعيد.

-عدم السماح باللعب الا بعد انتهاء الواجبات المدرسيّة وغيرها من الاعمال المنزلية ويفضّل ان يكون اللعب خلال نهاية الاسبوع ان أمكن مع ايجاد وسائل تسلية أخرى بديلة للطفل وتكون مفيدة له بالوقت ذاته (رياضة، هوايات يحبها، ألعاب تتضمن مشاركة مع الاخوة او الاهل).

-محاولة جعل الاهل انفسهم جزءاً من عالم المراهقين، وأن يحاولوا اللعب بتلك اللعبة ومناقشة جوانب مختلفة منها، وبذلك يكون الاقناع بتحديد اوقات اللعب وتخفيف الضرر الناتج عنها.

-تحديد ​الساعات​ المخصّصة للعب وعددها ووقتها إن (ووضع برنامج ان أمكن) مع موافقة الاولاد عليه.

-اعلام الطفل بموعد انتهاء الوقت المتفق عليه قبل مدة وجيزة حتى يُدرك ان الوقت شارف على الانتهاء.

في الخلاصة، بإمكان الأهل ضبط ساعات لعب أبنائهم الألعاب الإلكترونية بشكلٍ لا يذهب بهم نحو ادمانها ولا يحرمهم منها، لا سيما في ظل شبه سجنهم في البيوت في زمن جائحة كورونا.