في ظل الأوضاع السلبية الطاغية على مستوى ملف ​تأليف الحكومة​، لا سيما منذ لقاء الاثنين الماضي بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، الذي لم يخرج بأي أجواء إيجابية، سجل مساء أمس اللقاء الذي جمع بين رئيس الحكومة المكلف و​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​، الذي يسعى منذ فترة إلى محاولة الدفع نحو تشكيل الحكومة سريعاً، في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد.

وفي حين لم تخرج الكثير من التفاصيل حول هذا اللقاء، طُرحت في الساعات الماضية بعض السيناريوهات حول ما يمكن أن يقوم به الراعي في الفترة المقبلة، لتقريب وجهات النظر بين المعنيين الأساسيين بملف التأليف، أي عون والحريري، في ظل المواقف التي يطلقها بشكل دائم حول ضرورة إنجاز هذا الإستحقاق، لفتح الباب أمام مرحلة جديدة في البلاد.

في هذا السياق، علمت "النشرة" من مصادر مطلعة على أجواء اللقاء أنه كان إيجابياً، حيث ساد الود بين الراعي والحريري، وتم التأكيد من جانب البطريرك الماروني على مواقفه الماضية من ملف تشكيل الحكومة، لناحية أنه لا يدخل في تفاصيل الحقائب والأسماء، بل أن جُلّ ما يهمه هو أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب، خصوصاً أن المطلوب أن تكون حكومة اختصاصيين مستقلين غير حزبيين، توحي بالثقة للرأي العام المحلي وللمجتمعين العربي الدولي، كي تتمكن من إستعادة الثقة، الأمر الذي يقود إلى إقتناع اللبنانيين بها وإلى مساعدتها من قبل الدول الصديقة.

بالإضافة إلى ذلك، تشدّد المصادر نفسها على أن الراعي أكد على وجود معايير يجب أن تطبق في عملية التأليف ليست سراً على أحد، وشدد على أنها واحدة تنطبق على الجميع عنوانها الأساسي ​الدستور​ والميثاق الوطني اللذان ينصان على المساواة، وهو لا يؤيد فكرة الثلث المعطل لأيّ فريق، طالما أنّها حكومة اختصاصيين ولا تتألف على أساس منطق الموالاة والمعارضة.

من جانبه أكد رئيس الحكومة المكلف، بحسب هذه المصادر، على رغبته بالتعاون مع رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة، خصوصاً أن لا خيارات أخرى متوفرة، فلا هو راغب في الإعتذار عن المهمة ولا عون في وارد الإستقالة، بينما ليس هناك من مخرج دستوري لسحب التكليف منه، وتؤكد أن الحريري أبدى رغبة في إعادة وصل ما انقطع مع رئيس الجمهورية كي يصار إلى تأليف الحكومة.

إنطلاقاً من ذلك، تكشف المصادر المطّلعة على أجواء اللقاء أنه تم الإتفاق على أن يتولى كل منهما القيام بمجموعة من الإتصالات، من المفترض أن يكون رئيس الجمهورية في جوّها، على أن يعودا إلى التنسيق في ما بينهما في وقت قريب، لمعرفة ما يمكن القيام به على هذا الصعيد، وتضيف: "في الأصل الإتصالات قائمة والبطريرك الماروني لم يتوقف عن المحاولات التي يقوم بها منذ فترة طويلة من أجل ذلك".

على الرغم من ذلك، تحرص هذه المصادر على وصف ما سيحصل بأنّه إتصالات وليس مبادرة جديدة من جانب الراعي، حيث تؤكّد أن لا مبادرة بطريركيّة جديدة، على الأقل حتى الآن، بل إتصالات لوصل ما انقطع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، بهدف الإتفاق على تشكيل الحكومة التي ينتظرها الجميع.

في المحصّلة، الساعات المقبلة قد تقود إلى إعادة تفعيل المشاورات الحكوميّة من جديد، في حال نجحت الإتصالات التي سيقوم بها الراعي على هذا الصعيد، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمعه مع الحريري، على أمل ألاّ تبرز المزيد من العراقيل التي تعيد الأمور إلى المربع الأول.