تكثر التواريخ التي تحمل مآسيَ في حياة اللبنانيّين. 13 نيسان أبو التواريخ. كأنّه البداية لحلقات مستمرّة، تنقطع، ثمّ تتواصل.

وتعود الذكرى هذا العام، وكأنّ التاريخ ليس بعيداً كما كان، ولو بعد 46 عاماً.

أراقب بأسى ما يكتبه شبابٌ، بعضهم وُلد في الحرب وبعضهم بعدها، فأخشى من عودة 13 نيسان ما. الجميع في حماوة، وكأنّهم وراء متاريس من رمل، ويقصفون الجبهة الأخرى، ولو بالكلام بدل الرصاص.

كأنّهم خرجوا من معركة ليدخلوا في أخرى، من دون أن يتسنّى لهم أن ينفضوا غبارها عن ملابسهم.

نستهلك وقتاً لنتساجل، ونستهلك وقتاً لنتبادل الاتهامات، على أنواعها. كأنّ 13 نيسان لم يخرج منّا. فالبعض يحلم بـ”غريب” يناصره وينصره، والبعض ينزلق الى الطائفيّة، والبعض الآخر يملك النيّة الحسنة ولكنّه يرتكب الأخطاء...

ولكن ما من وقتٍ لنتجاوز خطوط التماس التي رسمناها بأنفسنا، ونرسمها في كلّ يوم، بالتصريحات والبيانات والسجالات.

كان الأجدى، أمس واليوم، أن نبني وطناً. الأجدى أن نسقط 13 نيسان من روزنامة أيّامنا بدل أن نستعيده ككابوس.

واليوم، ما العمل؟

تبدو الأمور أصعب من أن تُحلّ بـ”وصفة”. ولكن، يجب أن نبدأ من مكانٍ ما ببناء ​الدولة​. نحن ومن يناصرنا ومن يخاصمنا. يجب أن نصحّح الأمور “على البارد”.

قد لا يعود 13 نيسان، ولكن كفى وقوفاً على عتبته وكأنّنا ندفع بعضنا للوصول إليه. الحلّ بالتخلّي عن المزرعة وعن المشاريع التي لا تصبّ في مصلحة الوطن.

وقد يكون الحلّ بتغييرٍ ما في النظام، كمثل تطبيق اللامركزيّة الإداريّة الموسّعة. والحلّ، ربما، بالحياد فلا تلد عندنا حين تحبل في الإقليم، وما أكثر الولادات.

حين تتوافر النيّات تسهل الحلول. وُلدت المصالحة بين “التيّار الوطني الحر” و”القوات اللبنانيّة” حين توافرت النيّات، وسقطت حين غابت.

لن يلغي أحدٌ أحداً. ولتسقط لغة التخوين. ولنسدّ ثقوب ​سفينة​ الوطن الواحد تلو الآخر، وإلا سيكون مصيرنا جميعاً الغرق.

ولن نقول، ككثيرين في هذا اليوم: “تنذكر وما تنعاد”. سنقول: “تنذكر ونتعلّم”.

ويا ويلنا إن لم نتعلّم.