ما يحصل في ​فلسطين​ مُدان ومستنكر، هذه العبارة التي تعب أهلنا في فلسطين المحتلّة من سماعها على لسان العالم أجمع. الفلسطينيون باتوا رهينة هذا العالم المطواع لبني صهيون، وباتت قضيتهم سلعة للمتاجرة بين الدول، وملعبًا لزعماء ​إسرائيل​ في صبّ جام غضبهم، على هذا الشعب المسكين، كلما شعروا بسقوط سلطتهم الحاكمة.

المشاهد التي تنقلها الوسائل الإعلاميّة عمّا ترتكبه إيديهم من إثم بحق الشعب الفلسطيني، أمرٌ مألوفٌ علينا وقد اعتدنا عليه، فهذا الإجرام صفة من صفاتها الأساسية لهذه الدولة الشريرة الغاصبة والفاجرة، التي وكما قال معلمنا ​المطران جورج خضر​ عنها: "دولة حُبِلَ فيها بالإثم وولِدتْ في الخطيئة".

لم نعد نعرف خلفيات القتل الاسرائيلي المبرمج للناس، سواء في فلسطين، وقبلها في ​لبنان​، والعالم يتفرّج. وكأني أقرأ مؤامرة ضمن مسلسل طويل بدأ عرضه في القرن السابق ومازال مستمرًا، لغايات ومصالح محلية ودولية.

هذا المسلسل يبدو لي أن أبطاله محليون وعالميون، ويحرّكون الجبهة كلَّ ما دعت الحاجة، وغب الطلب، والشعب الفلسطيني الطيب يدفع الأثمان الغالية، على رجاء أن نبقى في لبنان بمنأى عن سيناريو الأحداث التي تحصل هناك، فيكفينا ما نحن فيه. إلا أن القرار يبقى لكاتب المسلسل والمنتج والمخرج معًا، والممثلون محلّيون. لذلك نسألك يا الله النجاة.

هذه الغطرسة الإسرائيلية بحق أبناء هذه المنطقة، لم تكن لتكون لولا تطبيق سياسة: فرّق تسد. ف​القضية الفلسطينية​ هي محور الأزمة التي نتخبّط بها في هذا الشرق، ولبنان يدفع الثمن الأغلى. وبتواضع، أعتقد أنّ المتاجرة بهذه القضية صار لزوم ما يلزم. ولذلك سبيلنا أن نصلّي ونقول: "أصلح ياربّ بمسرتك صهيون".

لا ينفع مع الصهاينة إلا الصلاة والدعاء لربّ الأرباب، ليزيل عنّا حقدهم وغطرستهم وجورهم وإجرامهم الّلامحدود.

في ​إنجيل​ متى خاطب يسوع أورشليم قائلًا: "يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!"(مت 23: 37)، لم يقل لها: "أنت التي قتلتِ أو أنت التي رجمتِ" بل "أنت يا قاتلة ويا راجمة". أي إنَّك بطبيعتك قاتلة وراجمة للقدّيسين. في الواقع، لقد عاملت الرسل كما عاملت الأنبياء سابقًا، وما زالت. وها نحن اليوم نشهد على إجرامهم في مقابل وفاء وصدق الفلسطينيين، الذين رسموا بتضامنهم وصمودهم صورة ناصعة عن ثباتهم الصادق ووفائهم ​المخلص​ لأرضهم، وتضحياتهم في سبيل كرامتها، في حين أن دولًا سكتت وصمتت واكتفت ببيانات الإستنكار، وهي ماضيةٌ في التطّبيع، غير مبالين بحجم التضحيات وعِظَمِ المعاناة، وعمق الجرح وغزارة الدم.

إلى متى هذا الصمت، ألم يحن الوقت لحلِ شاملٍ وعادلٍ في المنطقة؟ ألم يتعب اللاعبون في أداء أدوارهم؟ أما حان الوقت لتسويات عادلة؟.

نناشدك يا الله أن تنجينا من الدماء، كفانا ظلمَ واستكبارَ العدو الموصوف! كفانا عنجهيةً! كفانا آذانًا لا تسمع وعيونًا لا تبصر وشفاهًا لا تنطق بالحق!.

أين الضمير العالمي؟ ألم يحرّك قتل الأطفال ضميرهم؟.

أنا على يقين وإيمان مطلق، بأن ما عجزت وتعجز دول العالم عن تحقيقه لأجل فلسطين، سيتحقق على يد الخالق، وعندها سنقول وبصوتِ عالِ: "ليقم الله ويتبدد جميع أعدائه ويهرب مبغضوه من أمام وجهه".