ينتظر العالم ومعه الشرق الأوسط ما سيحصل في المرحلة المقبلة في ظلّ "التهويل" بأن ​الولايات المتحدة​ ومعها ​إسرائيل​ ستقدمان على عمل عسكري كبير للضغط على "​حزب الله​" ومعه الحكومة اللبنانية للتوصل الى قرار لنزع سلاح الحزب، وأمام هذا الضغط يبقى المشهد في المرحلة المقبلة ضبابياً، فالولايات المتحدة عملياً تتفاوض مع ​إيران​ وبنفس الوقت تضغط على الحكومة اللبنانية للتوصل الى قرار لنزع سلاح حزب الله، والأخير يريد ضمانات مقابل نزعه خصوصاً...

في رؤوس اللبنانيين أسئلة كثيرة وحتى "عتب" على الإيراني من لبنان وطريقة استعمال السلاح، وما كان يُعتبر "ضمانة" للبنان أتى بالويلات عليه بعد حرب الإسناد، ولم يأتِ بنتيجة، فقد دمرت إسرائيل قسمًا كبيراً من المباني في الضاحية الجنوبية وبعلبك والبقاع الغربي وهو ما لا يقارن بما أُطلق على اسرائيل وحجم الخسائر الّتي تكبّدتها، الى حدّ أن بعض اللبنانيين أصبحت لديه شكوك حول وجود سلاحٍ فعلي للرد!.

يقول مصدر مطلع على سير الأحداث أنّه "عندما حصل "طوفان الاقصى" أبلغت جهات معيّنة إيران أن لدى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مخطّطات لتوسيع الحرب، ومن هنا لم ترغب في التدخل وإعطائه ذريعة للقيام بذلك، ولكن ما حصل مع لبنان مختلف فعندما حصلت حرب الاسناد وكلّ ما قامت به إسرائيل من اعتداءات على الجنوب والضاحية وإغتيال القيادات، فإنّ إيران لم تتدخّل لأن الأمين العام لـ"حزب الله" وقتذاك السيّد حسن نصرالله كان معارضاً لذلك بشدّة".

ويضيف المصدر: "أما اليوم وقد وصل لبنان الى ما هو عليه فهو مطالب بنزع سلاح "الحزب"، ويرى الايرانيون أنه وإن حصل ذلك كما تطالب الولايات المتحدة واسرائيل فإن النموذج السوري سيتكرّر في لبنان، وبالتالي ستجتاح إسرائيل حتماً البلد، الذي لن يكون بمأمن عن الجماعات الإرهابيّة أيضاً". وتابع المصدر: "رُغم ضُعف نظام بشار الأسد أيام حمه، كان هناك القرار 1974 الذي ينظم العلاقة مع إسرائيل، وعند سقوطه وإستلام أحمد الشرع الحكم ماذا حصل؟ إسرائيل تخطت احتلال الجولان وبدأت بقصف وتدمير سوريا"، مؤكدا أن "هذا السيناريو سنراه مكرر في لبنان إن حصل تسليم للسلاح كما هو مطلوب وسيكون البلد "ساقطاً" بين يدي اسرائيل من جهة والجماعات الارهابيّة من جهة أخرى، خصوصاً وأن الجيش اللبناني لا يملك أسلحة ثقيلة، وكلما صادر أو وضع يده على سلاح للحزب يفجّره، بالمختصر هم يتكلمون عن نزع سلاح الحزب وعن دور الجيش ولا يعطونه رصاصة، ولا حتى يقبلون بهبات أسلحة من أي جهة كانت، في وقت اقترحت الجمهورية الاسلامية بتزويده بما يحتاجه وقد جوبه هذا الامر برفض تام وكلّي وبشكل قاطع".

اليوم كلّ الأنظار تتجه الى المفاوضات الأميركية الإيرانية والى أين ستؤدي؟ البعض يتحدث عن مفاوضات تجري بين الاميركيين والايرانيين ستنتهي بتوقيع إيران على ورقة تتضمن مجموعة بنود منها تصفير تخصيب اليورانيوم، ايقاف النشاط النووي، وفكفكة ما يسمى بأذرع "ايران" في المنطقة ومنها سلاح "حزب الله"، اضافة الى اثارة موضوع الصواريخ البالستية والمهلة المعطاة هي ستين يوماً. هذا الكلام كلّه ينفيه المصدر، مؤكدا أن "المفاوضات تقتصر على مناقشة موضوع النووي فقط لا غير، أما مسألة تصفير التخصيب فهي مرفوضة جملة وتفصيلاً من الجانب الإيراني".

ويتطرّق المصدر الى تاريخ المفاوضات بين الولايات المتحدة وايران، شارحاً أنه "حصل لقاء مباشر بين البلدين في عهد الرئيس السابق باراك أوباما بعدها إنتقلت المفاوضات لتصبح غير مباشرة عبر وسيط في عمان، ومنذ عام تقريباً بلغنا أنهم يريدون معاودة المفاوضات، وقد حاول الاميركيون في عهد الرئيس الايراني السابق ابراهيم رئيسي نقل المفاوضات الى مرحلة جديدة لتكون مباشرة لكن ايران رفضت"، لافتا الى أن "البلدين الان في حالة تفاوض على النووي فقط لا غير، وما يمكن قوله اليوم هو أن امكانية استمرار المفاوضات من عدمها غير مؤكّد بنسبة 50 بالمئة".

المصدر شكّك حيال إمكانية شنّ اسرائيل هجوم جديد على ايران، مؤكّدًا أن "ما يمنعها هو قوّة ردع الطرف الآخر، وهو ما دفع بالولايات المتحدة وبعد عشرة أيام من الحرب للدخول ومساعدة اسرائيل"، وبحسب التقديرات فإن "واشنطن وتل أبيب لن تعيدا الكرّة هكذا"، ولا يخفي المصدر أن "الخرق الذي تعرضت له إيران كبير"، ليعود ويشير الى أن "إسرائيل ليست بلداً بل جيشاً وهو كيان قام على قوّة عسكرية وأمنية وبدأوا باحتلال المساحات لتأسيس بلدهم، ولا يوجد أي رادع دولي أو أخلاقي ليمنعها من القيام بكل "الجرائم الحربية" ولكن ورغم ذلك وحتى لو كانت منتصرة في المستقبل القريب فهي لا يُمكن أن تبقى على المدى البعيد".

إذاً، وبإنتظار ما ستحمله الايام المقبلة والمفاوضات الجارية بين واشنطن وايران فإن المشهد يبدو ضبابباً، وتبقى خريطة المنطقة معلّقة على وقع العمليات العسكرية والاعتداءات الاسرائيلية الجارية في الاقليم.