لا جديد على المستوى الحكومي يوحي بإمكانيّة الوصول إلى حلّ يرضي مختلف الأفرقاء في وقت قريب، لكن هناك معادلة أساسية توصلت إليها القوى التي كانت تعمل على تقريب وجهات النظر بين الجهات المعنية في هذا الملف، أي رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، وهي أنّ العقدة داخلية بإمتياز لكن الحلّ أكبر من القوى المحليّة.

هذه المعادلة تؤكّد عليها مصادر مطّلعة في قوى الثامن من آذار عبر "النشرة"، حيث تشير إلى أن ليس هناك ما يمنع ​تأليف الحكومة​ في حال توافق الجانبين، نظراً إلى إنشغال مختلف القوى الدولية والإقليمية بملفات أكثر أهمية، الأمر الذي يعطي القوى اللبنانية هامشاً واسعاً في التحرك لكنها لا تريد ذلك.

وتشير هذه المصادر إلى أن النتيجة التي وصلت إليها جولة المشاورات الماضية أكدت أن الحل أكبر من قدرة أي فريق أو وسيط لبناني، وتوضح أن هذا الأمر لم يكن مستبعداً نظراً إلى أن الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​، بما يملكه من قوة سياسية وإقتصادية، فشل في إنجاز أي تفاهم على هذا الصعيد.

وتلفت المصادر نفسها إلى وجود حسابات شخصية تلعب دوراً أساسياً في الملف الحكومي، أبرزها سعي مختلف الأفرقاء إلى بدء التحضير للإنتخابات النيابية المقبلة التي باتت أمراً واقعاً لا يمكن الهروب منه، خصوصاً في ظلّ التأكيدات الخارجية بأهمية حصول هذا الإستحقاق في موعده، بالإضافة إلى صعوبة مواجهة التيار المحلّي الذي كان يطالب بالذهاب إلى إنتخابات مبكرة بالذهاب إلى التمديد أو التأجيل.

ما تقدم يفتح الباب، من وجهة نظر المصادر المطلعة في قوى الثامن من آذار، أمام إمكانية سيناريوهات جديدة، يصطدم كل منها بمجموعة من العراقيل الإضافية التي قد تمنع الوصول إليها، أبرزها قد يكون الإتفاق على تشكيل حكومة لا يكون رئيسها الحريري، تكون مهمتها محصورة بالإعداد للإنتخابات.

وفي حين تشير هذه المصادر إلى أن هذا الأمر يتطلب توافقاً بين مختلف الأفرقاء، أبرزهما "​التيار الوطني الحر​" وتيار "المستقبل"، نظراً إلى أن الأول لا يريد إنهاء عهد رئيس الجمهورية ميشال عون بهذه الطريقة، بينما الثاني لديه أسبابه التي تدفعه إلى التمسك بورقة التكليف إلى ما لا نهاية، توضح أن السيناريو الثاني هو الذهاب إلى تقصير ولاية ​المجلس النيابي​، على أمل أن يقود ذلك إلى إنتاج حلّ في وقت أقرب من العام المقبل.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، هذا الحلّ يصطدم بمواقف العديد من الأفرقاء الآخرين، الذين لا يعتبرون أنّ الإنتخابات هي الأولويّة اليوم، يل يصرّون على أنّ السعي إلى الحدّ من الإنهيار الحاصل يتقدّم على أيّ أمر آخر، في حين أنّ من الصعوبة في مكان الدخول في هذا الإستحقاق في ظلّ الظروف الراهنة، لا سيما أن العديد من السياسيين سيسعون إلى إستغلال هذا الأمر لتقليب الرأي العام، خصوصاً في الساحتين السنية والمسيحية.

في المحصّلة، هذا الواقع يفتح الباب أمام إحتمال تفعيل حكومة تصريف الأعمال الحالية لتشرف بنفسها على تلك الإنتخابات، بالرغم من موقف رئيسها ​حسان دياب​ المعروف والحاجة إلى غطاء سياسي كبير يؤمن لها ذلك، يبدو أنّ هناك قناعة لدى معظم الأفرقاء بالعجز عن القدرة على إنتاج أيّ حل في وقت قريب.