ما اجتمع أثنان من ال​لبنان​يين الا كان حديث الأسعار وارتفاعها الجنوني ثالثهما:في ظلّ هذه الأزمة المدمرة التي نعيشها. لم تعد القصة هامش ربح معقول في بلد من ذويالاقتصاد الحر كما في بلادنا، بل أصبحت سرقة وتشاطرًا على الناس، والدليل الفارق الكبير في سعر السلعة نفسها بين متجر وآخر؛ صحيح أن هناك الكثير من المنتجات المستوردة والتي من الطبيعي ان ترتفع أسعارها بسبب تهاوي العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي،لكن التجار "أصحاب الضمير الحي"رفعوا كل الأسعار المستوردة والمنتجة محليا على حد سواء. واليوم جاءتهم الفرصة الذهبية مع ارتفاع أسعار المحروقات لاستغلال الظرف.

نتفهم أن المحروقات تدخل في كلفة كل السلع، لكن لا يجب أن تتخطى نسبة الأرتفاع 30%، في حين أنّ الواقع على الأرض يظهر غير ذلك.إنها بالفعل هستيريا موصوفة، أين منها ​مديرية حماية المستهلك​ واين منها ​جمعية حماية المستهلك​ وأين دورها في حماية المواطن من جشع التجار؟!.

أوساط التجار تقول أنهم لم يرفعوا أسعارهم بعد بسبب ارتفاع ​اسعار المحروقات​، الا ان الغلاء الموجود سببه ارتفاع سعر صرف الدولار الى 17 و18 الف ليرة،واذا كان هناك الفارق الكبير في سعر مبيع السلعة نفسها في العديد من الأمكنة، فلأن هناك تاجر اشتراها حين كان الدولار بعشرة آلاف ليرة بينما الآخر اشتراها حديثا على دولار المرتفع على سبيل المثال.

أما فيما خصّ السلعالتي تباع بأسعار أعلى من اللازم يكشف مصدر مطّلع في وزارة الاقتصاد لـ"النشرة" أن مديرية حماية المستهلك تسطّر محاضر بحقها وتحيلها الى القضاء بما معناه ان الرقابة موجودة ضمن الامكانيّات، وما يجب علينا معرفته في هذا الأطار،انه يوجد في لبنان حوالي 22 الف "ميني ماركت"، في حين ان عدد المراقبين لا يتخطى 70 يعملون على ملف المحروقات و​المولدات​ والافران و​سلامة الغذاء​ ويتابعون ​الاسعار​، لذلك "نطلب دعم ​البلديات​ كي تساعد في الرقابة"-توضح المصادر.

من جهته رئيس جمعية حماية المستهلك د.زهير برو رأى ان تفلّت الأسعار هي سمة مرتبطة بطبيعة الاقتصاد اللبناني، وبالفساد المستشري بل انها النتيجة الطبيعية له، وفرص الفوضى هي أفضل الظروف للاستغلال،موضحا،"انه امر متوقع وقد حذرنا منه قبل اسابيع حين سمعنا عن تعميم ​مصرف لبنان​ 158"، وشرح برو عبر "النشرة" أن التجار يرفعون الاسعار كلما سمعوا عن أية زيادة للأجور، هذا ما حصل حين اقرار سلسلة الرتب والرواتب تحت حجج وذرائع كثيرة. أما نسبة الارتفاع فلا يمكن ان نتوقعها لأنّ الامر عائد لشراهة التاجر ولم لا ما دامت الدولة تؤمّن له الظرف المناسب لنهب الناس من خلال الدعم والتراجع عنه والترشيد والتراجع عنه وهكذا دواليك.

وتابع برّو ان اي دعم للزراعة او الصناعة او الشركات التكنولوجيّة واي استثمار في هذه القطاعات خلال فترة ستة اشهر فقط، ينتج ثلاثة اضعاف هذا الاستثمار وأهميته أنه يخفف من أعداد العاطلين عن العمل.

وخلص برو الى أن العلاج لهذه المعضلة يكمن في تغيير السياسات الخاطئة ودعا المسؤولين لأن يرتاحوا في بيوتهم وهو الحل الامثل برأيه.

النقابي محمد القاسم تساءل عبر "النشرة"اين دور السلطة السياسية في حماية مداخيل اللبنانيين في هذه الأزمة الحادة فيما الشعب اللبناني عاجز عن تأمين أدنى مقومات العيش والحد الأدنى بات يساوي 38 دولارا بعد ان كان 400 دولار؟ أين دورها في الحدّ من الفلتان في التسعير حاليا وفق احتكارات السوق بالاستيراد التي تشرّعها السلطة السياسية في ظل غياب الرقابة.

وأوضح قاسم أن في أزمة المحروقات لم نشهد سوى بعض عمليات ضبط شكليّة في البيوت او السيارات، لكن تهريب ​الصهاريج​ مستمر. وأضاف لم يستفد المواطن ذو الدخل المنخفض بأكثر من 10% من الدعم إنّما اصحاب الامكانيات المالية والموردين الذين هربوا السلع المدعومة الى كل دول العالم، ولم يضبط فيها اي شخص لا في الداخل ولا الخارج، واعتبر أن المسؤولين يمارسون سياسة رفع اليد،ونحن نفتقد الى سياسة حمائية للشعب اللبناني.

اذن يبقى السؤال، متى سنصبح دولة ديمقراطية مدنيّة، دولة للانتاج لا دولة صفقات وسمسرات؟!.