منذ 9 سنوات تقريباً حصل آخر تصحيح للأجور في لبنان للعاملين في ​القطاع الخاص​، يومها كان لا يزال ​الدولار​ 1515 ليرة، واستمر كذلك حتى الأمس القريب، ولكنه اليوم بات 17 ألف ليرة، وكل الخدمات والسلع أصبحت على هذا السعر، ولا يزال ​الحد الادنى للاجور​ 675 ألف ليرة لبنانية فقط لا غير.

500 ألف ليرة كلفة اشتراك المولد 5 أمبير، قبل رفع الدعم الجزئي عن المحروقات، كيلو اللحم أصبح بـ120 ألف ليرة، وكيلو الدجاج بات يكلّف 58 ألف ليرة، وربطة الخبز 3750 ليرة، وسعر صفيحة البنزين 71 ألف ليرة. تطول اللائحة لتطال كل شيء في حياة المواطنين، ولا يزال الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة أي حوالي 40 دولارا أميركيا فقط لا غير.

عمدت بعض شركات القطاع الخاص إلى رفع الرواتب بنسبة تصل أحياناً إلى 50 بالمئة، ولكن هناك من لا يزال يقبض مليون ليرة شهرياً، لا تكفي عائلته لأسبوع واحد وربما أقل، لذلك فإن المرحلة المقبلة ستشهد بحسب مصادر ​الإتحاد العمالي العام​ "تحركاً" في اتّجاه المطالبة بتصحيح ​الأجور​ في القطاع الخاص.

وتضيف المصادر: "قبل الأزمة كان الإتحاد يسعى لفتح معركة تصحيح الأجور في القطاع المذكور بعد إقرار ​سلسلة الرتب والرواتب​ للقطاع العام، ولكن تسارع الأحداث ضيع هذا الملف، ووصلنا اليوم إلى الكارثة الكبرى، حيث أصبح الفارق بين الرواتب والواقع المعيشي أكبر من أن يتم تخيله"، مشيرة إلى أن تصحيح الأجور اليوم ليس أمراً سهلاً بسبب الوضع الإقتصادي ولكنه بات ضرورياً، وعلى المسؤولين تحمل المسؤوليات والإهتمام بشؤون الناس.

قد يكون الإتحاد العمالي العام "حالماً" إذ يظن أن الأجور قد تُصحح قريباً، والخوف كل الخوف أن يتم ذلك قبل ​الإنتخابات النيابية​ على شكل رشوة تزيد الواقع سوءاً، ولكن بالنسبة إلى رئيس ​جمعية حماية المستهلك​ زهير برّو، فإن التشاؤم سيد الموقف.

يُشير برو إلى أن "الواقع الحالي يجعلنا نتأكد للمرة الألف أن ​الدولة اللبنانية​ ليست دولة المواطن بل دولة التجار والزعامات ​الطائفية​ ونقطة على السطة"، معتبراً في حديث لـ"النشرة" أن "الأمور لن تتغير بحال لم يتغير النظام الطائفي و​تحقيق​ المحاسبة لكل شخص تسبب في وصولنا إلى ما نحن فيه".

ويضيف برو: "منذ شباط 2020 طرحنا حل البطاقة التمويلية ولكنهم لم يردوا، ومنذ 22 عاماً، تاريخ تأسيس الجمعية، عرضنا مئات الحلول للأزمات ولم يستمع إلينا أحد، وبالتالي كيف يمكن لعاقل أن ينتظر الحل من نفس الأشخاص الذين أوصلونا إلى ما نحن فيه".

يدعو برّو لاعتماد القوة بالتغيير لأن كل الوسائل الأخرى سقطت، ولم يصل منها إلى نتيجة، لا بالقضاء ولا بالقانون، وبالتالي "لا يجب أن ننتظر تصحيح الأجور أو أي حل آخر من سلطة كهذه".

تآكلت رواتب اللبنانيين بنسبة 90 بالمئة، وبات الحد الأدنى للأجور في لبنان من بين الأدنى بالعالم، وباتت العائلة المكونة من 4 أفراد تحتاج على الأقل إلى أربعة أضعاف الحد الادنى للأجور الحالي لكي تعيش، ولكن بنظر العارفين فإن زيادة الأجور لن يكون حلّاً للأزمة الراهنة، لأن ذلك سيسبّب بالتضخم، والمزيد من الارتفاع بسعر صرف الدولار، وبالتالي أي زيادة ستذهب أدراج الرياح فور ارتفاع سعر صرف الدولار، لذلك فإنّ الحل يبدأ من خلال تحسين وضع الليرة، ومن ثمّ تصحيح الاجور بناء لدراسة اقتصادية سليمة أساسها إعادة إطلاق الإقتصاد.