أكّد العلامة السيّد ​علي فضل الله​ أنّ "النصوص الدينيّة عزّزت ​محاربة الفساد​ والدعوة إلى الإصلاح بالتشريعات الرادعة، الّتي لا يجد معها الفساد أيّ بيئة حاضنة لينفذ من خلالها، وأوّل التدابير في مواجهة الفساد بحسب هذه النصوص هو إبعاد تأثير المال في القرارات والمواقف والأفكار والسياسات، فحرمت الرشوة بكلّ أشكالها سواء أتت بلبوس هديّة أو دعوة مجاملة أو تسهيلات أو خدمات أو وعود أو دعم...".

وشدّد، خلال ندوة افتراضيّة أقامتها الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم، تحت عنوان "دور الدين في ​مكافحة الفساد​"، على أنّ "الإسلام حرم الربا والفوائد الّتي لا مبرّر ماليًّا واقتصاديًّا لها الا الجشع، ومنع استغلال صاحب الموقع لموقعه من أجل الإثراء غير المشروع ومنع الاحتكار، ورفض المحسوبيّات الّتي هي المظهر الآخر للفساد، وعزّز منطق العدالة الّتي تسقط معها كلّ الاعتبارات سواء أكانت المصالح الخاصّة أو العائليّة وحتّى العداوات".

ولفت فضل الله، إلى أنّ "في المال العام، دعت التشريعات إلى عدم جواز التصرّف به بغير وجه حقّ"، مركّزًا على أنّ "من يأخذ المال العام بغير وجه حق، هو سارق وخائن للناس الّذين هم من يملكون المال". ورأى أنّ "الدين ليس هو المشكلة في ​لبنان​ بل هو طريق إلى الحل. اما ​الطائفية​ في التركيبة اللبنانية فهي ليست ديناً ينفتح به الإنسان على الانسان الاخر من خلال انفتاحه على القيم الأخلاقية المشتركة والعدالة و​حقوق الإنسان​ التي يأمر بها الدين بجميع تجلياته ومذاهبه، بل هو تجمع بشري يحمل عنوان الدين، ولكنه لا يحمل قيمه ومبادئه..

وقال: إن مشكلة لبنان هي أنه لم يُبن ليكون وطناً لبنيه، بحيث يأخذ الإنسان حقوقه وواجباته من موقع مواطنيّته لا من موقع طائفيّته، ولذلك، فإنّ النظام الطائفي في لبنان هو ما نعاني منه ويبقى هو المشكلة لا الدين الذي لا نجده حاضراً في منطق من يمثلون الطوائف على المستوى السياسي أو التشريعي أو الإداري أو المالي.. والمسؤولية هنا علينا جميعا ان نؤكد هذا التمايز والبون الشاسع ما بين الدين الذي يدعو إلى دولة الإنسان أولاً وأخراً وما بين النظام الطائفي اللبناني القائم على المحاصصات وتقسيم الموارد والفوائد والوظائف وتأكيد الفوارق ما بين الجماعات عوضا عن التمسك بما هو اسمى.

وأكد ان علينا ومن منطق ديننا وقيمنا وإنسانيتنا استخدام كل السبل المفيدة، والحكيمة

لمكافحة الفساد، فمهما كانت الظروف صعبة فإن فرص التغيير تبقى متاحة، وهي لن تكون بضربة واحدة إنما بعملية تراكمية تبدأ بأنفسنا بأن نزيل مكامن الفساد منها وأن نطهرها.. وإن علينا أن لا نستسلم للأمر الواقع، وأن نلغي من قاموسنا مفردات التردد والعجز، ولو كلفنا ذلك الكثير من التضحيات، فالحياة لا تبنى بالفساد ولا تستمر معه. هذا هو المنطق الذي أكده التاريخ وتؤكده مجريات الحاضر من حولنا