في ظل الأجواء السلبية التي طغت على ملفّ ​تشكيل الحكومة​، منذ نحو اسبوع من اليوم، تُطرح الكثير من الأسئلة حول مصير هذه الأزمة فيما لو قرر رئيس الحكومة المكلف ​نجيب ميقاتي​ رمي ورقة التكليف والاعتذار، لا سيّما أن الرجل كان منذ البداية يؤكّد أنه لن يقبل بتكرار سيناريو رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، وبالتالي ليس هناك من مهلة مفتوحة لديه من أجل انجاز المهمة.

في بعض الأوساط السياسية، الحديث عن أن رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ سيكون هو المتضرّر الأول من هكذا خطوة، نظراً إلى أنه سيُحمّل المسؤولية الأساس عن التعطيل، بسبب عدم قدرته على الاتفاق مع 3 شخصيات كُلفت لتشكيل الحكومة: السفير اللبناني في برلين ​مصطفى أديب​، بالاضافة إلى كل من الحريري وميقاتي، لكن من الناحية العملية النهج نفسه كان معتمداً في التكاليف الثلاثة.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ أيّ شخصية تُكلّف باتت مضطرّة إلى التعامل مع الملف من منطلق الثوابت التي وضعها نادي رؤساء الحكومات السابقين، لا سيّما أنها تحظى بغطاء من ​المجلس الاسلامي الشرعي​ الأعلى، وبالتالي هي لا تستطيع أن تخرج عنها كي لا تقع في فخ الفيتو الطائفي، الذي سيحول دون قدرتها على التأليف أو العمل.

وتلفت هذه المصادر إلى أنّ قوى الأكثريّة النّيابية هي التي كرّست هذا "العرف"، من خلال تعاملها مع هذا النادي على أساس أنّه هو من يقرّر تسمية رئيس الحكومة المكلّف في لبنان، بما يلغي دور الكتل النّيابية في استشاراتها الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية، حيث يكون دورها هو البصم على هذه التسمية، تحت عنوان الأقوى في طائفته وبحجة تفادي الفتنة المذهبية أو الطائفية.

وترى المصادر نفسها أن المطلوب اليوم من رئيس الجمهورية، من وجهة نظر هؤلاء، الموافقة على الشروط التي تقدّم له أو يُحمّل وِزر مسؤولية عدم تشكيل الحكومة، على وقع الضغوط الخارجيّة المتمثلة بالتهديدات بفرض عقوبات، والمحلية المتمثلة بزيادة مستوى الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي من غير المرجّح أن يوافق عليه عون بأيّ شكل من الأشكال، خصوصاً أنّ التسريبات بأنّه لن يعطي ميقاتي ما لم يعطِهِ للحريري كانت قد بدأت منذ ما قبل التكليف.

من وجهة نظر المصادر السياسية المطلعة، فشل رئيس الحكومة المكلّف يعني نقل البلاد إلى مرحلة جديدة من الصراع السياسي، لن يكون عنوانها تشكيل الحكومة بل النظام السياسي الذي يترنّح منذ ما قبل السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019، لا سيما في حال الفشل في اجراء الانتخابات النيابية المقبلة المقرّرة في العام 2022، مع ما يعنيه ذلك من عدم القدرة على اجراء الانتخابات الرئاسيّة أيضاً، نظراً إلى أنّه من الصعب بعد ذلك التوافق على تسمية رئيس حكومة جديد.

وفي حين تشير المصادر نفسها إلى أنّ كل يوم تأخير في التأليف يعني المزيد من التعقيدات، تلفت إلى أنّ الفرصة لم تنتهِ بعد، حيث من الممكن أن يفتح اللقاء الذي سيجمع رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، المقرّر اليوم، الباب أمام صيغة جديدة من الممكن أن تكون هي المخرج المناسب، في ظلّ العديد من الاقتراحات التي من الممكن أن تقود إلى تشكيل الحكومة في حال توفر الرغبة الحقيقيّة في ذلك، سواء على المستوى الخارجي أو المحلي.

في المحصّلة، تشير هذه المصادر إلى أن استمرار حالة الفراغ قد تكون هي المطلوب في المرحلة الحالية، في ظل الرهانات على أن تقود الانتخابات النيابية إلى تغيير في المعادلة القائمة، وهو ما لم تعد تخفيه العديد من العواصم التي تعتبر أن الأولوية هي للتركيز على هذا الاستحقاق دون سواه، كي لا تعطي الطبقة السّياسية فرصة إعادة تعويم نفسها من جديد، من خلال المساعدات التي من الممكن أن تحصل عليها.