بعد ارتفاع الأكلاف الاستشفائية بشكل جنوني هل سيتمكن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من تكبد هذه الزيادات الهائلة ويعرض نفسه للإفلاس، وهو الملاذ لحوالي مليون و600 الف مستفيد؟! أم سيتكبد المريض هذه الفروقات وهو الذي يجد صعوبة من الاساس في دفع فرق سعر الضمان في الكثير من الخدمات الطبية، خصوصا في صور الاشعة واتعاب الطبيب والعلاج الفيزيائي وغيره، وهو يعاني من فوضى الاسعار؟! اذ ان العمل الطبي الواحد يسعر بين مستشفى وآخر بفارق يصل الى 200 الف ليرة؟ هل هذا معقول دون حسيب ولا رقيب؟ من يحمي المريض في هذه الدولة المريضة والمستهترة بصحة الناس؟!.

اشتكت مواطنة عبر "النشرة"من قلّة المبالغ التي يعترف بها الضمان،وقالت انها قدمت فاتورة بمليون و300 الف بين ادوية وصور اشعة ووأتعاب طبيب و10 جلسات علاج فيزيائي ولم تسترد من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سوى مبلغ 262 الفا!وحين راجعت تبين ان الضمان يدفع عن جلسة العلاج الفيزيائي 16 الف ليرة في حين أن كلفتها وصلت الى 75 الف ليرة عن الجلسة الواحدة، أما بدل أتعاب الطبيب يدفعها الصندوق وفق تسعيرة 40 الف بينما يتكبّد المريض 200 الف على الاقل عند طبيب الاختصاص، وترى المواطنة ان لا جدوى من ان يكون الانسان مضمونا ان كانت مساهمة الضمان لا تغطي عملا طبّيا واحدا!.

فهل سيعاد النظر بالأسعارعلما ان هناك اتفاقا بين نقابة الاطباء والضمان الاجتماعي على اجر الطبيب 50 الف ليرة من دون أن يلتزم بها أي طبيب!.

مصدر في الضمان الاجتماعي يرى جدوى من الابقاء عليه، خصوصا حين يدخل المريض المستشفى اذ يغطّي عنه مبالغ هائلة،موضحًا أنه لا يجب نسيان ان عدد المستفيدين هم مليون و600 الف مواطن على اسم المنتسبين 600 الف. لكنه لم ينكر وجود فروقات كبيرة في بعض العلاجات مثل العلاج الفيزيائي وصور الاشعة وغيرها؟.

هذا كان قبل الارتفاع الاخير الذي جعل المستشفيات تعاني من فقدان أبسط الامور المطلوبة في اقسامها، لا سيما الطوارئ والمختبرات والعناية الفائقة، وقبل فقدان الادوية واقفال الصيدليات وقبل رفع الدعم او ترشيده مؤخّرًاوارتفاع اسعار الادوية، فكيف هي الحال اليوم؟!.

إذًا يجب ان يترافق ارتفاع أكلاف الاستشفاء مع رفع التعرفات لدى الضمان وسائر الجهات الضامنة، خصوصا ان التعرفات المعتمدة عمرها 20 سنة وسعر الدولار ارتفع اكثر من 15 مرة.

عن هذه النقطة تكشف مصادر مطلعة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ان التوجه حاليا هو ليس لرفع أسعار الاعمال الطبية،كالعمليات وغرف العناية الفائقة وما الى هنالك، بل لتعديل مساهمة الصندوق فيما يتعلق بالادوية، خصوصا بعد ارتفاع اسعارها، فعلى سبيل المثال بدل ان يغطي الصندوق ثمن ادوية معيّنة بنسبة 80% تصبح 70% او 60% حيث يجري حاليا دراسة على لوائح التي يغطيها.

وتوضح المصادر ان لا قدرة للصندوق على دفع اية زيادات على تعرفات الاعمال الطبّية بدون تأمين موارد مالية؛ والّتي تأتي اما من الدولة وهي مفلسة، وإما عن طريق زيادة النقاط على الاشتراكات، وهناك بحث في هذا الموضوع، بمعنى ان اصحاب العمل بدل ان يدفعوا 23.5% من اجر الاجير المصرّح عنه يدفعون مثلا 27%، وبغير هذه الطريقة يتعذّر رفع تعرفات الضمان راهنا.

من جهتهرئيس نقابة اصحاب المستشفيات سليمان هارون يوافق على ضرورة تعديل الاسعار لتتماشى مع الواقع.وردا على سؤال عمّا اذا كان الوضع المالي للصندوق يسمح بذلك يجيب بالنفي موضحا ان المدير العام للصندوق د.محمد كركي يرفض رفع الاسعار اذا لم تتأمن واردات مالية لتغطية هذه الزيادة. وعن الفارق الكبير بالاسعار بين مستشفى وآخر وبين مستشفى ومختبر او مركز طبي أقرّهارون بوجود فوضى بالاسعار "وهذا ما حذرنا منه وقد حصل".ولفت الى تقديم "دراسة لكل الجهات الضامنة لرفع التسعيرة، اجاباتهمكانت انهالا يمكن تحمّل اعباءها،علما اننا احتسبنا الاسعار حين كان سعر صرف الدولار 12500 ليرة فكيف بالحري اليوم! وكشفان هذا الامر تسبب بفوضى كبيرةبعد أن ارتفعت اسعار الامصال والمستلزمات الطبية والادوية، وما كان مدعوما لم يعد كذلك، وهناك من لا يلتزم بالسعر المدعوم اساسا، معتبرا أن الوضع كارثي على المريض الذي لم يعد يستطيع ان يتطبب،والجهات الضامنة بدورها لا يمكنها تحمل الارتفاع المتصاعد،والامل بالمساعدات الدولية التي ذكرت في مؤتمر دعم لبنان.