لا يمكن لأحد أن يقول أننا لا نعيش أزمة محروقات في ​لبنان​، ولكن عند التدقيق في كل تفصيل على حدى نتبيّن أن الشائعات كثيرة، والضغوط ترتفع لأهداف سياسية، فالأزمة منذ بدايتها لا تبتعد عن السياسة، كما في سعر صرف ​الدولار​، كذلك في كل التفاصيل الأخرى.

منذ ساعات تحدّث البعض عن أزمة غاز مقبلة، فتهافت اللبنانيون على مراكز توزيع ​الغاز​، مع العلم بحسب مصادر مطّلعة أن الغاز لا يزال متوفراً، إنما شركات الغاز دخلت على خط الضغوط التي تُمارس على اللبنانيين، مشيرة إلى أنّ البعض أراد دخول طوابير الغاز على المشهد العام، بعد تحذير المستشفيات من اقتراب إطفاء مولداتها، وتوقف بعض الأفران عن العمل.

المشكلة الأساس في ​المازوت​ هي لدى الشركات المستوردة، فهي التي تغطّي 70 بالمئة من حاجات السوق اللبناني، وتؤكّد المصادر أنّ بعضها دخلت على لعبة التهريب والبيع في السوق السوداء، مثلها مثل شركات تعمل في التوزيع، فلكل جزء من عملية البيع حصّته، وبات سعر صفيحة المازوت المدعوم، كسعرها بحال رُفع الدعم، فهي تُباع اليوم بسعر 12 دولار أميركي تقريباً، وهو سعرها بحال اتّخذ قرار ​رفع الدعم​ عن ​المحروقات​، وهذا ما يُدرس حالياً إلى جانب البدائل المتاحة، والتي تتمحور بشكل أساسي حول حصول المواطنين على حصة مدعومة، قد تصل الى حدود 4 صفائح بنزين شهرياً، تُباع لهم على أساس السعر الحالي.

الأسبوع الماضي وصلت باخرة مازوت إلى منشآت النفط، فتمّ تفريغ 18 مليون ليتر في الزهراني، ومثلها في طرابلس، وبدأ التوزيع نهار الخميس الماضي، حيث تقوم المنشآت بتسليم المادة للقطاعات الأكثر حاجة كالمستشفيات والأفران والمطاحن، وتؤكد المصادر أن المنشآت وزّعت أمس وستوزّع اليوم المزيد من الكميات للقطاعات المحتاجة، ولكن الأزمة لن تنتهي ولا يُتوقع أن تخفّ قريباً، فالصراع السياسي مستمرّ وبالتالي الأزمات مستمرة.

تكشف المصادر وجود مازوت على الأراضي اللبنانية يكفي حاجة السوق لمدة 15 يوماً على الأقل، أي تقريباً 150 مليون ليتر، مخزّنة لدى الشركات المستوردة، ولدى الشركات الموزعة، ولدى الزبائن أيضاً، مشيرة إلى أن بعض الزبائن باتت تهدّد بالتوقف عن العمل بسبب فقدان المازوت قبل "فقدانه" فعلاً بحوالي 10 أيام، وربّما لا يمكن لومها على ذلك كون رفع الصوت باكراً قد يكون أفضل من رفعه بوقت متأخر.

تؤكّد المصادر أنّ ​أزمة البنزين​، المازوت، والغاز مؤخراً، ستستمرّ وتتصاعد، لأن حاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​ لن يفتح المزيد من الإعتمادات قبل حلّ مشكلات قديمة له مع وزارة الماليّة، وقبل تغطيته بشكل قانوني لصرف ​الإحتياطي الإلزامي​، مشيرة إلى أنّ هذا الواقع يعني أنّ مرحلة رفع الدعم أصبحت قريبة جداً، وهذا الأمر سيؤدّي الى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، كون حاجة شركات الإستيراد من الدولار يومياً ستصل الى 10 مليون دولار، ما سيرفع حجم الطلب على العملات الصعبة، فيرفع سعرها.

لا خير في كل ما يجري حالياً، ولا خير قد نراه قريباً، ولعل الخير إن كان سيأتي فهو يبدأ من خلال تشكيل حكومة بعد اتفاق محلي اقليمي دولي لإنقاذ لبنان.