وجّه المفتي الجعفري الممتاز ​الشيخ أحمد قبلان​ رسالة الجمعة إلى ال​لبنان​يين، أشار فيها إلى خشيته على "هذا البلد، لأن العقلية ​الجاهلية​ للأسف لا زالت طاغية على الطبقة الحاكمة، فحوّلت هذا البلد إلى فريسة ممزّقة، وصفقات موزعة. ولذلك قلنا ونؤكّد مراراً وتكراراً أن مصيبة هذا البلد تكمن بعقل وذهنية ​السلطة​، وبهذا النظام السياسي الطائفي ​الفاسد​، ولن تقوم للبنان قائمة طالما أن هذا النظام الطائفي قائم، فلا إصلاح سيكون، ولا تغيير سيتحقق، بظل هكذا نظام شاخ جداً وبات تطويره وتعديله بما يخدم دولة المواطنة أمراً ضرورياً، لا بل واجب وطني بامتياز، بعيداً عن سرطان ​الطائفية​ المقيت، الذي لا شفاء منه، ما لم يرق الفكر السياسي في لبنان إلى مستوى مفهوم المواطنة ومعنى الشراكة بين ​اللبنانيين​ على قاعدة لبنان مسؤولية مشتركة وقيامه وتحصينه مسؤولية الجميع".

واعتبر قبلان، أن "البلد مأزوم وانفجاره قاب قوسين وأدنى، ولم يعد هناك أي حجة أو أي عذر أو أي ذريعة مصطنعة لأحد كي يستمر في لعبة المساومة والمزايدة وفتح البازارات، فالبلد على آخر نفس، والناس لم تعد قادرة على تحمّل المزيد من ​الفساد​ والمناورات والمكايدات والمحاصصات، وبخاصة هذه الذهنية العفنة التي تمارسها طبقة سياسية صادرت السلطة واستبدت بالناس بشعاراتها الزائفة وادعاءاتها الباطلة".

وأكّد أن "اللعبة انتهت، ولا بد من فرملة السقوط المروّع وبسرعة، من خلال قيام حكومة تضع حداً لهذا الفراغ المريب، ولهذا التسيّب الذي لم يعد مقبولاً تحت أي عنوان. وعلى المعنيين ب​تأليف الحكومة​ إنهاء هذه المسرحية، وإعلان تشكيلة توحي بالثقة ولو بالحد الأدنى مع علمنا المسبق أنها لن تكون الحل السحري، ولكن هي بالتأكيد المدخل الطبيعي لمواجهة الأسوأ. فالمشكل كبير، والكوارث لا تعد، والمأساة تضخّمت بشكل غير مسبوق في ظل ​سياسة​ أميركية تضغط في كل الاتجاهات وتصرّ على خنق البلد وعلى بناء المتاريس السياسية والمجتمعية والشوارعية بهدف تجويع اللبنانيين وصولاً إلى استسلامهم. بالمختصر المفيد، هذا هو المشروع الأميركي، وهذه هي أهدافه المجيّرة بالكامل لصالح الكيان الصهيوني، وليس لأي شيء آخر. لذلك رأفة بالبلد، وحرصاً عليه، وضماناً لمصيره ولمستقبل أبنائه، ننصح بعدم الرهان على واشنطن وندعو إلى قلب الطاولة على كل سياساتها وتوجهاتها المعلنة والمخفية، إذا أردنا أن ننقذ البلد وننقذ أنفسنا".

ولفت قبلان إلى أن "البلد الآن على سباق مع الموت، واللبنانيون جميعاً غارقون في الأزمات، أزمة معيشية، ولعبة نفط، ولعبة دولار، وفساد، ودواء، وغذاء، واحتكار، وإنها عملية تجويع منظمة وخطيرة بإشراف أميركي، وبأدوات لبنانية للأسف تدار بشكل واضح وفاضح وعلى المكشوف، هل المطلوب أن نسكت! أو أن نستسلم! أو أن نقبل بالإملاءات الأمريكية ولعبة الدول التي ظلمت لبنان واللبنانيين كثيراً بلعبة اللاجئين والنازحين على حساب أمنهم وأمانهم ومصير بلدهم الذي أصبح اليوم مستهدفاً ومهدداً أكثر من أي وقت مضى"... مؤكداً أن "على اللبنانيين إذا كانوا جادّين وصادقين في تخليص بلدهم وثابتين على وحدتهم وشراكتهم الوطنية والإنسانية أن يقولوا بصوت صارخ لا للمؤامرة ولا لفتات البنك الدولي ولا لكل هذه الوعود والإطراءات الأميركية التي تخفي ما تخفيه وتبطن ما تبطنه. نعم، لا لرغيف بعض المتأمركين الذين يحركون المشاكل هنا وهناك، ويثيرون الفوضى بمجتمع مدني هنا وتحريض انتخابي هناك، كل ذلك من أجل توجيه أصابع الاتهام باتجاه المقاومة، وتحميلها كل المسؤولية عما آلت إليه أمور البلاد والعباد والوصول إلى حكومة تكون مطواعة، وجاهزة لخدمة المصالح الأميركية وتنفيذ سياسة واشنطن التي لن تكون أبداً في صالح طموحات وآمال اللبنانيين".

وأكّد قبلان، أن "العالم تغيّر وزمن الغرور الأميركي انتهى، فالإملاءات ولت ومهما كان المشوار طويلاً والتحديات كبيرة، فاللبنانيون مستعدون لتقديم المزيد من التضحيات ولن يستسلموا أو يسلموا بلدهم مهما بلغ الجور عليهم ومهما اشتدت وطأة الحصار، لا بل هم قادرون على كسر هذا الحصار والتصدي لهذه الهجمة الأميركية والإقليمية الشرسة على شعب لن يقبل بأقل من حريته وكرامته وعيشه في بلده عزيزاً كريماً على قاعدة ملعون البلد الذي لا يطمئن فيه إلا الجبناء الذين يغمّسون اللقمة في ذل الخنوع ويعبدون مذلّهم".