على وقع العمل على ترسيخ المصالحة الدرزية، التي كانت قد بدأت قبل أشهر طويلة، تنتظر القوى السياسية الفاعلة فيها محطة مفصلية، تتمثل بإنتخابات مشيخة العقل، التي من المفترض أن تحصل يوم 30 أيلول الحالي، نظراً إلى أنها كانت من ضمن أسباب الخلافات في السنوات الماضية.

هذه المشكلة، كانت قد بدأت مع إنتخاب ​الشيخ نعيم حسن​، وفق القانون الذي اعترض عليه الحزب "الديمقراطي اللبناني" منذ لحظة إقراره، الأمر الذي قاد إلى تعيين ​الشيخ ناصر الدين الغريب​، وهي كانت حاضرة في جوانب مبادرة التهدئة بين الجانبين، حيث وضعت بنداً أساسياً من الضروري العمل على معالجته.

بحسب أجواء "الإشتراكي"، التواصل لا يزال قائماً للوصول إلى توافق حول موضوع مشيخة العقل، لا سيما أنها كانت بنداً أساسياً من بنود لقاء خلدة، الذي ضم رئيس الحزب النائب السابق ​وليد جنبلاط​ ورئيس كل من الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب ​طلال أرسلان​ ورئيس "حزب التوحيد العربي" الوزير السابق ​وئام وهاب​، لكنها تشير إلى أن عدم حصول التوافق لن يفسد في الود قضية، بل من الممكن الذهاب إلى الإنتخابات.

وفي حين تشير مصادر الحزب، عبر "النشرة"، إلى أن باب الترشيحات من المفترض أن يغلق يوم الجمعة، توضح أن الإتصالات من الممكن أن تقود إلى توافق، حيث الساعات المقبلة حاسمة على هذا الصعيد.

في هذا الاطار، برز تطور لافت، في الأيام الماضية، تمثل بترشيح الشيخ سامي أبي المنى، رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي، الأمر الذي فُسر على أساس أنه رسالة سلبية من "الإشتراكي"، إلا أن المصادر تؤكد أن لا علاقة للحزب بهذا الأمر، حيث أن الترشيح جاء من قبل أعضاء في المجلس المذهبي ومشايخ، بحسب ما ينص القانون.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، لا يمكن الجزم بإمكانية التوافق على اسم أبو المنى من عدمها، لكنها تستبعد هذا الأمر، نظراً إلى أن مواقف باقي الأفرقاء من غير المرجح أن تكون إيجابية.

من جانبها، تؤكد مصادر "الحزب الديمقراطي اللبناني"، لـ"النشرة"، أن ترشيح الشيخ أبي المنى أتى من خارج التوافق الدرزي العام ومن خارج التوافق الحاصل بين المرجعيات الروحية والسياسية في الطائفة، معلنة رفضها المطلق للتعاطي مع رجال الدين ومع منصب شيخ عقل ​طائفة الموحدين الدروز​ كمنصب بلدي أو نيابي، حيث تؤكد أن هذا المنصب يجب أن يكون محصن ويأتي بتوافق عام داخل الطائفة، والتعاطي معه كإستحقاق إنتخابي هو أمر معيب.

أما بما يخص القانون، فتشدد المصادر نفسها بالتحفظ الكامل عليه، إذ يساهم بشكل أساسي بجعل شيخ العقل بعيداً كل البعد عن الهيئات الروحية والدينية، لذا تعتبره بحاجة إلى إعادة نظر شاملة.

وتبدي هذه المصادر تمسكها بالبيان الصادر عن اللقاء الدرزي في خلدة، بحضور أرسلان جنبلاط ووهاب، بكل بنوده والنقاط الواردة فيه، وتعتبر أن حل الملفات الدرزية العالقة ينطلق من حلها بالكامل دون تجزئة أو تمييع لملف على حساب الآخر، وتضيف: "نحن نبدي كل إيجابية من باب الحرص على الطائفة وعلى الجبل وأبنائه، والمصلحة تقتضي التعالي عن صغائر الأمور والحسابات الضيقة والتعاون لما فيه المصلحة العامة، وتدعو الجميع إلى التعقل وتغليب لغة الحوار والإنفتاح".

في المحصلة، تحرص مختلف القوى السياسية الدرزية على تأكيد الإنفتاح على التوافق حول هذا الإستحقاق المهم، ما يعني أن المصالحة ستكون أمام أول تحدي مفصلي من المفترض أن يحسم التوجه فيه خلال الساعات الفاصلة عن اقفال باب الترشيحات، فهل تنجح الإتصالات في الوصول إلى توافق على اسم جديد لمشيخة العقل؟.