اعتبر ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​، أن "العدالة الإجتماعية لا تعني أن كل البشر متساوون في كل شيئ فالله خلق الناس متنوعين، فيستحيل أن يكونوا جميعا بمستوى واحد، بل نعني أن البشر متساوون بكرامتهم الإنسانية والحقوق المدنية الأساسية وهكذا تكون العدالة طبيعية من صنع الله، والعدالة الإجتماعية هي تخفيف الفوارق بين الأفراد والمجتمعات، وترقي الإنسان بنموه الإقتصادي والإجتماعي والثقافي والروحي، ويقتضي تحقيقها بتأمين المستوى اللائق للعيش الكريم لكل أفراد المجتمع، وتمكين قدرات الشخص لإمكانية المشاركة ببناء مجتمعه".

وأكد خلال كلمة له من المجلس الإقتصادي الإجتماعي في ​وسط بيروت​، أنه "لا حقوق بدون واجبات ولا العكس، وهي المعادلة التي تحكم بين المجتع والدولة والفرد، وثمة حقوق اجتماعية أساسية واجبة لكل فرد وهي الحق في بناء عائلة مكتفية، الحق بالسكن، الحق بالعمل، الحق بالصحة والطبابة، الحق بالتعليم والتربية والثقافة، وهي ثروة اللبناني الأساسية".

وأوضح الراعي أنه "لا أحد يجهل بأن الواقع الإجتماعي بأسوأ أنواع الإنهيار، والأسباب هي الحرب، والفساد السياسي ونهب أموال الدولة والخيارات السياسية الدائمة، وإدخال لبنان بنزاعات إقليمية مما أدى لعزله عن الأسرتين العربية والدولية، واستغلال تحركات 17 تشرين، وهبوط قيمة الليرة أمام الدولار، ​جائحة كورونا​، وتفجير ​مرفأ بيروت​ في الرابع من آب، وأسباب على المستوى الأخلاقي لا تقل خطورة مثل تناسي أولوية الإنسان المطلقة، الجشع والتلاعب بالأسعار، وامتلاك السلع وتقديسها، كأنها هدف وليست وسيلة لحياة كريمة، والإدمان على ​المخدرات​، والإبتعاد عن الممارسة الدينية و​التطرف​ الطائفي، وفوق كل ذلك، غياب أي إستراتيجية خلاصية من الحكومات المتتالية وانعدام المسؤولية لدى أهل السلطة، بل كلهم أمعنوا بافتعال أزمة سياسية حادة تسببت بأزمة اقتصدية واجتماعية خانقة".

وتابع البطريرك الراعي: "نتطلع الى المجلس الإقتصادي والإجتماعي، آملين أن يضع الإستراتيجية الخلاصية بالتعاون مع جميع القطاعات والكنيسة تدعم هذا العمل لأن طريقها هي الإنسان"، وأكمل: "النتيجة الحتمية للإنهيار هي الهجرة التي تخطف خريجي الجامعات من الأطباء و​رجال الأعمال​ والممرضين والمصرفيين، وأمام هذا النزيف البشري نتساءل: هل فقد لبنان كليا جامعة العرب ومستشفى العرب وسياحة العرب؟ هل انتهى؟".

وكشف أن "الكنيسة تقوم بمشاريع إنمائية واستثمارية متنوعة وفي كل ذلك توفر فرص عمل وتساهم بالحركة الإقتصادية، فالكنيسة معنية بالعمل الدائم للخير العام، لأننا جميعنا مسؤولون عن جميعنا".

ولفت الى أن "ما يقلقنا بالإضافة الى هجرة شعبنا، تزايد عدد اللاجئين والنازحين الذين بلغوا نصف سكان لبنان، وعدا عن كونه ثقلا اقتصاديا كبيرا، لكن، هذا الواقع يشكل عبئا اقتصاديا ثقيلا على لبنان وخطرا سياسيا وديمغرافيا وأمنيا وثقافيا، وعلى الجميع السعي لحل قضية ​اللاجئين الفلسطينيين​ وعودة ​النازحين السوريين​ لبلادهم، عودوا الى بلادكم وتابعوا تاريخم وثقافتكم، وإن لم تعودوا تكونوا أنتم من تقيمون الحرب الثانية بهدم ثقافتكم وتاريخكم، ونطالب بذلك بكل محبة".