لم تعد قضية إصدار تسعيرة المولّدات الكهربائيّة أمراً عابراً، بل أصبحت تحتل حيّزاً مهماً في حياة المواطنين لأنّ قيمة الفاتورة بات يفوق الحدّ الأدنى للأجور، و"الحبل على الجرّار". ترتفع شهرياً تسعيرة الكيلوات، والأسعار الى ازدياد جنوني حتى بات الكثير من الناس يفكّرون بالإستغناء عن المولّدات والبحث عن حلول بديلة قد لا تكون متاحة أيضاً!.

مؤخّرا، وبعد رفع الدعم عن المازوت وبيعه على "الفريش دولار" طرأت مشكلة من نوع آخر هي الاختلاف بين أصحاب المولّدات ووزارة الطاقة على التسعيرة، فالاخيرة حددت 3700 ليرة لسعر الكيلوات الواحد بينما أصحاب المولدات يطالبون بـ4250 ليرة يضاف اليها 10%، بحسب ما يؤكد رئيس تجمع أصحاب المولدات عبدو سعادة، الذي يشير الى أن "وزارة الطاقة حدّدت سعر صفيحة المازوت بـ147 الف ليرة بينما ندفع 220 الف ليرة".

يلفت عبدو سعادة الى أنّه "تلقى اتصالا من وزير الطاقة وليد فياض تحدّث فيه الاخير عن تسعيرة المولدات فتمّ الاتفاق على هامش معين لسعر صفيحة المازوت ولسعر صرف الدولار، ولكن تفاجأنا عند اصدار التسعيرة أنه لم يتم الالتزام بما اتّفقنا عليه"، مضيفاً: "بأكثرية المناطق نتقاضى 4700 ليرة للكيلوات". في هذا الاطار حاولت "النشرة" الاتصال بمستشار وزير الطاقة الذي يتولّى ادارة الملفّ خالد نخلة للإستفسار عن المسألة لكن لم نلقَ جواباً.

في نفس الوقت كانَ لافتاً التغريدة التي أطلقتها وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني وأشارت فيها الى أن "سعر المولّد في لبنان هو اعلى سعر للطاقة في العالم والارباح على مدى 30 عاما كانت أموال "كاش" غير خاضعة للرقابة، داعية الشعب اللبناني الى رفض دفع اكثر من تسعيرة الوزارة، ومطالبة وزارة الاقتصاد ووزارة الداخليّة التدخّل الفوري لالزامهم تطبيق التسعيرة الرسمية. أما عبدو سعادة الممتعض من السعر الرسمي، يشير الى أن "وزارة الاقتصاد بحسب القانون هي التي يجب أن تصدر تسعيرة المولّدات"، مطالباً "باخراج الملف من وزارة الطاقة ووضعه في عهدة وزارة الاقتصاد".

في ظلّ هذه المعمعة علمت "النشرة" أنّ "اتحادات البلديّات في كل قضاء تجتمع لإيجاد حّل لتسعيرة المولّدات على قاعدة إيجاد هامش بين ما يطالب به أصحاب المولدات وما وضعته وزارة الطاقة".

الواضح بحسب المعطيات أنّ السلطة حاليًّا هي بيد عصابات ومافيا مالكي المولدات الذين تمرّدوا على الدولة ويتقاضون بحسب الخوّة التي يفرضونها، وهنا سؤال بسيط يطرح أين وزارة الاقتصاد النائمة ووزارة الداخلية النائية بنفسها عن هذا الفلتان الذي يحصل؟ واذا نجح أصحاب المولدات بفرض رأيهم فما الداعي الى اصدار وزارة الطاقة تسعيرة بعد اليوم؟ وما هو دور الحكومة الحاليّة وهي من أول الطريق أشبه بالحكومة المستقيلة السابقة؟

وسط هذه المعمعة نعود بالذاكرة الى أيام وزير الإقتصاد السابق رائد خوري الذي علّم العصا على جوانب أصحاب المولدات كيف يكون الالتزام! فهل تتكرّر التجربة مرّة أخرى؟ أم أن "امبراطوريّة" عصابات ومحميّات أصحاب المولّدات أصبحت محصّنة أكثر مع هذه الحكومة بحماية وزارتي الداخليّة والاقتصاد ولا يمكن أن تُمسّ؟!.