لم يهدأ الحراك السياسي الفلسطيني على الساحة اللبنانية طوال الايام الماضية، بلغ ذروته دون ان يكون عنوانه الرئيسي مساعٍ جديدة لطي صفحة الخلافات او السير قدما نحو المصالحة الوطنية مجددا، فالعلاقة بين القوّتين الرئيسيتين "فتح" و"حماس" ما زالت على حالها من الخلاف وكل شيء معها "مجمّد"حتى اشعار آخر، بانتظار تطور يعيد خلط الاوراق نحو التلاقي او المزيد من الفراق.

والعلاقة بين "فتح" و"حماس" مرت خلال العقود الماضية منذ العام 2007 بعد سيطرة الأخيرة على قطاع غزة بمرحلتي من المد والجزر، وآخرها الخلاف في اعقاب تأجيل "حوار القاهرة" الذي كان مقررا في 16 حزيران الماضي، لانهاء الانقسام وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي والاتفاق على تفاصيل الانتخابات على انواعها التشريعيّة والرئاسيّة والمجلس الوطني،وصولا الى اعادة اعمار غزة، بعد اتفاق سابق على اجرائها.

وشكل السفير الفلسطيني في لبنان اشرف دبورمحور الحراك السياسي، حيث سجل للمرة الاولى بعد انقطاع لقاء مع وفد من دائرة العلاقات الوطنية في حركة "حماس" بالخارج برئاسة رئيسها علي بركة وحضور ممثل الحركة في لبنان أحمد عبد الهادي، وعضوي الدائرة أيمن شناعة وابراهيم المدهون، المسؤول السياسي في بيروت وعلي قاسم.

واوضحت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان اللافت في اللقاء انه اتخذ طابعا رسميا اكثر منه سياسيا وتنظيميا على اعتبار ان السفارة بيت كل فلسطيني، ولم يشارك فيه اي مسؤول عن حركة "فتح" كما تجري العادة، ارتباطا بالعلاقة "المجمدة" بين الحركتين، اثر خلافهما الاخير.

اللقاء الثاني مع وفد قيادي من "الجبهة الشعبية" برئاسة عضو المكتب السياسي مسؤول الدائرة السياسية ماهر الطاهر يرافقه اعضاء المكتب السياسي مريم ابو دقة، كايد الغول وجميل مزهر ومسؤول الجبهة في لبنان مروان عبد العال، حيث تمر العلاقة بين "فتح" و"الشعبية" بمرحلة من الفتور والقطيعة، بسبب سلسلة من مواقف الجبهة مغايرة لمواقف حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية"، أدت الى وقف الموازنة المالية الشهرية، فيما تركز البحث على ضرورة القيام بخطوات إيجابية وعملية على الأرض لتعزيز الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام لمواجهة التحديات المحدقة بالقضية الفلسطينية.

اما اللقاء الثالث مع وفد قيادي من "الجبهة الديمقراطية" برئاسة نائب الامين العام للجبهة فهد سليمان وحضور عضوي المكتب السياسي للجبهة علي فيصل وعدنان يوسف (ابو النايف) ولفت الانتباه فيها مشاركة أمين سر حركة "فتح" في لبنان فتحي ابو العردات، وامين سر الاقليم حسين فياض خلافا للقاءين السابقين، ارتباطا بان العلاقةبين الطرفين جيدة رغم تباين "الديمقراطية" في بعض مواقفها مع حركة "فتح"، علما انّ الجبهيتن "الشعبية والديمقراطية" تنضويان في اطار "المنظمة" ولكنهما في المرحلة الاخيرة باتت تبتعدان تدريجيا عن مواقف حركة "فتح" لحسابات مختلفة.

ووفق معلومات "النشرة"، فان البحث في مجمل اللقاءات تركز بشكل اساسي على التطورات التي تستهدف الاراضي الفلسطينيّة المحتلّة والاعتداءات المستمرة على الشعب والارض والمقدسات الاسلامية والمسيحية وبخاصة في العاصمة القدس، ومحاولة فرض وتكريس المشروع الصهيوني بالتهويد، اي انه لم يتناول شؤون الساحة في لبنان تفصيلا، باستثناءالتأكيد على ضرورة تخفيف معاناة ابناء المخيمات لجهة الاوضاع المعيشية الصعبة واستمرار التعاون والتنسيق الفلسطيني المشترك في الحفاظ على امن واستقرار المخيمات، والوقوف بوجه اية محاولات لاستخدامها في اية اجندات خارجية قد تمس امن واستقرار ومصلحة لبنان.

تحركات احتجاجية

الى جانب الحراك السياسي، صعدت القوى الفلسطينية واللجان الشعبية تحركاتها الاحتجاجية ضد وكالة "الاونروا" في لبنان، وشملت مختلف المناطق والمخيمات بدءا من الجنوب وصولا الى الشمال بهدف الضغط عليها لتحمل مسؤولياتها فيتخفيف المعاناة، في ظل الازمة الاقتصادية والمعيشية اللبنانية الخانقة وتفشّي فيروس "كورونا" دون اعلان خطة طوارئ اغاثية وصحية، وقد اضيف اليها التعثر في تعيين معلمين مع بدء العام الدراسي الجديد الذي يواجه بدوره تحدياتكثيرة ومعقدة بين تأمين النواقص في المدارس ومستلزماتها من كتب وقرطاسية وتنقلات، ومن اجراءات وقائية لمنع تفشي فيروس "كورونا" مع اقرار التعليم الحضوري.

ويقول مسؤول "الجبهة الديمقراطية" في عين الحلوة فؤاد عثمان لـ"النشرة"، ان التقصير لا يقتصر على تأمين المستلزمات، بل على غياب الخطط التربوية لدى دائرة التربية والتعليم في لبنان،لإنطلاق العام الدراسي الجديد بخطوات سليمة وليست "عرجاء"،نحن نطالب بسد الشواغر التعليمية وتأمين الكتب المدرسية والقرطاسية ووسائل نقل للطلاب الى مدارسهم لعدم قدرة الاهل على دفع تكاليفها بسبب ارتفاع نسبة البطالة والغلاء الفاحش.

واوضح عثمان، "ان الشكاوى الفلسطينيّة تمتد الى سياسة الفوضى وإذلال أبناء شعبنا باعتماد آلية غير منهجية في توزيع المساعدات المالية الـ40 دولار اميركي،هناك الكثير من العائلات التي لديها عدد من الأفراد يستحقون المساعدات المالية،وتفاجأت بعدم حصولها عليها نتيجة مشكلات إدارية،وابرزها غياب التنسيق بين إدارة "الاونروا" وقسم الشؤون الاجتماعية والمشرفين عليها في المناطق، اذ لا يوجد نظام عمل موحد وبالتالي حدثت فوضى عارمة بعملية التوزيع، أدّت في حصيلتها حرمانها من الحصول على كامل حقوقها رغم المراجعات المتكررة. بالإضافة إلى تكلفة المواصلات على الطرقات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة".

وتساءل عثمان عن غياب أيّ عملية اشراف وتنسيق بين الأونروا وLiban Post عبر الرسائل، مما خلق ارباكا وبلبلة وحولت مكتبها في صيدا الى هرج ومرج،ناهيك عن السجالات والمشاكل بين المراجعين والموظّفين مع عدم اعطاء صلاحيات لإدارة المناطق لمعالجة المشكلات،وغياب تحديد من الجهة المعنية وترك الامور تتفاقم وعدم تحديد فتره زمنية لكل مرحلة،فبقيت عشوائية ومزاجية خصوصا ان المساعدات توزّع على مراحل وفقا للبرنامج المحدّد.