طبخة بحص هو ما يحاول البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي تسويقه كحل للأزمة السياسية الناتجة عن إعتراض الوزراء المدّعى عليهم في ملف إنفجار المرفأ (غازي زعيتر وعلي حسن خليل ويوسف فنيانوس ونهاد المشنوق) على إجراءات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بحقهم. طبخة بحص لأن إقتراح الحل الذي جال به البطريرك الراعي على بعبدا وعين التينة والسراي الحكومي غير قابل للتطبيق لا قانوناً ولا في السياسة.

فما طرحه سيد بكركي يعني عملياً فصل ملاحقة رئيس الحكومة السابق حسان دياب والوزراء الأربعة السابقين، عن تحقيقات المرفأ التي يتولاها القاضي البيطار، وإنشاء لجنة تحقيق برلمانيّة لملاحقة دياب والوزراء وإذا رأت أن هناك حاجة للإدعاء عليهم، تتم إحالتهم على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. في القانون لا يمكن لهذا الحل أن يسلك طريقه لأن القاضي البيطار وبحسب مصادر متابعة للملف لا يمكن ان يتخلى عن هذه الصلاحية التي أعطته إياها القوانين، وقد سبق أن أكد هذه الصلاحية ودافع عنها في القرار الذي أصدره رداً على الدفوع الشكلية، التي قدمها الوزير السابق يوسف فنيانوس.

في القرار المذكور شدد المحقق العدلي على أن مجلس النواب وبحسب المادة 373 من قانون العقوبات يلاحق الوزراء والرؤساء في جرائم الإخلال بالواجب الوظيفي فقط، وفي حال إدّعت الهيئة العامة على هؤلاء بثلثي الأصوات داخلها، تحيلهم على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، ولا يحق للمحقق العدلي التدخل بهذا الجرم حصراً، أما في جرائم القتل والتخريب والحرق والقصد الإحتمالي التي إدعى فيها القاضي البيطار على رئيس الحكومة والوزراء السابقين لتبلغهم خطياً بوجود نيترات الأمّونيوم في المرفأ وعدم إتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع وقوع الإنفجار، فالصلاحيّة هي فقط للمحقّق العدلي وما من جهة قضائيّة أخرى يمكنها أن تتدخل بعمله او تسحبها منه. ما ذكره القاضي البيطار في قراره الذي ردّ فيه دفوع فنيانوس الشكليّة، لا يمكن أن يتراجع عنه وإن فعل ذلك وتراجع، يصبح إتّهامه بالإستنسابيّة وبإزدواجيّة المعايير في محله.

وحتى لو أقدم مجلس النواب على تبنّي طرح الراعي الذي كان في الأساس طرح رئيس مجلس النوّان نبيه بري، لن يكون البيطار ملزماً بوقف ملاحقاته لرئيس الحكومة والوزراء وسيكمل تحقيقاته وإجراءاته بحقهم وصولاً الى إصدراه القرار الظني.

هذا في القانون أما في السياسة، فهل من أحد نسي كيف طارت الجلسة النّيابية التي دعا اليها بري في 12 آب الفائت بسبب عدم تأمين النصاب القانوني لها، كل ذلك لأنّ الإتجاه كان لإقرار العريضة النّيابية التي وقّعها نواب أكثريّتهم من "حزب الله" و"حركة أمل" لملاحقة الوزراء والرؤساء أمام المجلس الأعلى أي في مجلس النواب وسحب هذا الملف من القاضي البيطار؟.

هل من أحد نسي أن الثنائي الشيعي لم يتمكّن من تأمين أكثر من ثلاثين نائباً لهذه الجلسة؟ وهل من أحد نسي كيف سحب عدد كبير من النوّاب الموقّعين على عريضة العار تواقيعهم عنها أبرزهم نواب تيار "المستقبل" وكتل "الحزب القومي" ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدد من النواب المستقلين؟.

وإذا تمّت الدعوة لجلسة مماثلة، هل من أحد يتوقع أن نصابها سيتأمن؟ الجواب بالتأكيد لا، لأن ما من شيء تغيّر منذ آب الفائت وحتى اليوم.