حتى الساعة، لم تظهر أي مؤشرات عن إحتمال عودة حكومة "معاً للإنقاذ" إلى الإجتماع من جديد، بالرغم من تراكم الملفّات التي من المفترض أن تتصدى لها، نظراً إلى أنها عالقة بين ملفّين أساسيين لا يمكن لها تجاوزهما: الأول هو ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، بينما الثاني هو الأزمة الدبلوماسيّة مع بعض الدول الخليجيّة، نتيجة تصريح جورج قرداحي قبل أن يصبح وزيرًا للإعلام.

وفي حين لا يبدو أن "حزب الله"، المعني الأول في الملف الثاني، في وارد التراجع أمام الهجمة السعودية، التي تشير بعض المعلومات إلى أنّها قد تتصاعد في المرحلة المقبلة، أكّدت حرب التغريدات والبيانات، أول من أمس، بين رئيسي الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، أنه من الصعب تصوّر معالجة الأول في المدى المنظور.

في قراءة مصادر سياسية متابعة، التصعيد هو عنوان المرحلة المقبلة، خصوصاً أن البلاد دخلت عملياً مرحلة الإنتخابات النيابية، بالرغم من التعقيدات التي لا تزال تواجه هذا الإستحقاق، الأمر الذي يدفع أغلب الأفرقاء إلى الذهاب بعيداً في مواقفهم، خوفاً من التداعيات الشعبيّة لأيّ تنازل قد يقدمون عليه في الوقت الضائع.

وتشير هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الجميع، في الوقت الراهن، دخل في لعبة "حافة الهاوية"، نظراً إلى أن الساحة اللبنانية مفتوحة على كافة الإحتمالات، خصوصاً أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بالرغم من الصلابة التي يظهرها، لن يكون قادراً على الصمود أكثر في حال ذهبت الرياض أو المحور المقابل إلى أي تصعيد جديد.

من وجهة نظر المصادر نفسها، ميقاتي لا يمكن له أن يبقى مراهناً على الموقفين الأميركي والفرنسي لفترة طويلة، خصوصاً أن التصعيد عليه داخل بيئته يتنامى يوماً بعد آخر، في حين أن الصحف السعودية لم تعد تتردد في توجيه الإنتقادات القاسية له، بسبب عجزه عن الحصول على أيّ موقف من قبل شركائه في الحكومة، يستطيع أن يقدّمه على أساس أنّه بادرة حسن نيّة لإعادة وصل ما انقطع.

في سياق متصل، لدى أوساط نيابية قناعة بأن إستقالة رئيس الحكومة قد تكون هي السيناريو الأسوأ، في حال حصوله، نظراً إلى أن التداعيات التي ستترتب عليه ستكون كبيرة جداً، لا سيما على مستوى الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة، مع العلم أنّ سعر صرف الدولار في السوق السوداء كان قد بدأ بالعودة إلى الإرتفاع في الأيام الماضية.

بالنسبة إلى هذه المصادر، الملف اللبناني دخل عملياً دوامة ملفات المنطقة الملتهبة، وبالتالي من غير المتوقع الوصول إلى تسويات في وقت قريب، لا بل تشير إلى أنّ ولادة الحكومة الحاليّة، في الأصل، كانت على أساس أن تتولى "تقطيع" المرحلة الفاصلة عن موعد الإنتخابات النّيابية المقبلة لا أكثر، إلا أن الإنتكاسات التي تعرضت لها، سواء كانت محلّية كملفّ المرفأ أو خارجية كالأزمة الدبلوماسيّة، أكبر من قدرتها على الإحتمال.

في المحصلة، تشير المصادر نفسها إلى أنه طوال السنوات الماضية، تحديداً منذ بداية الأزمة السورية، كان هناك حديث في البلد عن وجود مظلّة دولية تمنع إنفجار الأوضاع الداخليّة، لكن اليوم لم يعد من المنطقي الحديث عن هذه المظلة، بالرغم من حرص أغلب القوى التي كانت داعمة لها على بقائها، وبالتالي إنفجار الأوضاع بشكل كامل ممكن في أي لحظة، خصوصاً إذا ما إرتكب أي طرف خطأ قاتل في الوقت الضائع.